-ملفات تادلة 24-
ركود تضخمي
في تحليله لوضعية الاقتصاد المغربي خلال سنة 2023 سلط الخبير الاقتصادي، نجيب أقصبي الضوء، على مجموعة من التحديات التي واجهته.
وأشار أقصبي في شريط فيديو عبر قناته على موقع “يوتيوب”، إلى ظاهرة “الركود التضخمي”، والتي تعكس الانخفاض في معدلات النمو الاقتصادي بالتزامن مع ارتفاع معدلات التضخم في الأسعار.
ولفت الخبير الاقتصادي، إلى وجود ركود اقتصادي يؤثر بشدة على وتيرة نمو الناتج الداخلي الخام للاقتصاد المغربي خلال هذه السنة، مستحضرا الأرقام الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط وبنك المغرب، والتي تفيد بأن معدل النمو لن يتجاوز 2.5%.
وأضاف أقصبي، أن مستوى النمو خلال السنة الماضية لم يتجاوز 1.3 %، وخلال السنة الحالية لن يتجاوز 2.5 %، أما في السنوات القادمة فتشير توقعات المؤسسات الرسمية والمؤسسات الدولية إلى مستوى نمو لن يتجاوز 3 في المائة، وهو ما يعني، وفق أقصبي، أننا لا زلنا نعيش مستوى نمو دون المستوى المطلوب.
وأوضح، أن هذا الضعف في النمو يعزى جزئيا إلى التضخم في الأسعار الذي يعوق النشاط الاقتصادي، بالإضافة إلى مشاكل البطالة التي تشهدها البلاد.
بطالة مقلقة
وفيما يتعلق بنسب البطالة، أشار أقصبي استنادا إلى أرقام المندوبية السامية للتخطيط، أن الاقتصاد المغربي فقد ما يقارب 300 ألف منصب شغل، ما بين الثلاث أشهر الثالثة لسنة 2022، والثلاث أشهر الثالثة لسنة 2023.
وفي إطار هذا التدهور، يضيف المتحدث، أن عدد العاطلين وصل إلى مليون و625 ألف، وهو رقم قياسي، في حين ارتفعت نسبة البطالة الى 13.5 في المائة، أي أنها ارتفعت بنقطتين خلال سنة واحدة، وهو ما يعني رجوعنا إلى نسبة لم نعرفها منذ 10 أو 15 سنة.
وأكد ذات الخبير، أن هذه الأرقام تكشف عن وضع مقلق يتجلى في ارتفاع نسبة البطالة إلى 17% في المدن و38% بين الشباب الذين بالنسبة للشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 15 سنة و24 سنة، وتعني أيضا 20 % بالنسبة للنساء العطلات عن العمل، وتعني 20 في المائة من الشباب حاملي الشهادات، وهذا هو واقع البطالة في المغرب.
وخلص أقصبي في هذا المستوى إلى أنه في سنة 2023 على المستوى الاقتصادي لم نستطع فيها تحريك النمو ولا التغلب على التضخم، ولا التقليص من حدة البطالة، وأن سنة 2023 هي سنة نمو ضعيف، وتضخم لا زال مستمرا وبطالة مقلقة.
مشكل تمويل
وفي تحليله للحصيلة الاقتصادية لسنة 2023، أشار أقصبي إلى أن الوضع المالي جد مقلق، موضحا أن قانون 2024 يؤشر على ضعف الإمكانيات الذاتية للتمويل، أي ضعف الموارد الجبائية.
واعتبر أن معدل تغطية نفقات الميزانية العامة للدولة بالنفقات الجبائية لا تتعد 56 %. مضيفا أن أرقام قانون المالية لسنة 2024 توضح أن هناك عجزا في التمويل ثلاث مرات ما يعلن عنه، وهذا يعني وفق أقصبي “أن العجز سيتم تمويله بديون مما سيؤدي في النهاية المطاف إلى تراكمها.
وأكد، أن مشكل مديونية المغرب، وخاصة المديونية العمومية، تعدت ألف مليار درهم منذ سنتين، مشيرا إلى أن ما ينتجه الاقتصاد المغربي كله في سنة من الناتج الداخلي الخام، أصبح تقريبا يساوي حجم الديون المتراكمة على المغرب.
أرباح فاحشة
واعتبر الخبير الاقتصادي، أن سوق توزيع المحروقات في المغرب تهيمن عليه ثلاث أو أربع شركات، التي تستحوذ على 70% من السوق المغربية، ومن بينها الشركة التي تعود ملكيتها إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، حيث تسيطر على ما يقارب ربع سوق توزيع المحروقات في المغرب، مشيرا إلى أن هذا الوضع كان ولا زال قائما وسيستمر، رغم ما سمي بتحرير القطاع (2016 -2017) واستمرار وضع شركة “لاسامير” المكررة الوحيدة للنفط في المغرب.
وأضاف أقصبي، أنه في إطار هذا الوضع لا زالت أسعار المحروقات تحرق المغاربة، فالجميع يمكنه ملاحظة أنه ليست هناك علاقة بين مستوى الأسعار على الصعيد الدولي وانعكاسها على الصعيد الداخلي.
وأوضح أنه في سنة 2023 سجل انخفاضا لأسعار المحروقات على المستوى الدولي، ولم نشاهد الانعكاس المطلوب على مستوى الأسعار داخليا، وهذا يعني أن المهيمنين والمحتكرين للسوق لا زالوا يفعلون ما يحلو لهم في غياب شبه تام لأجهزة الضبط والرقابة.
وفي تحليله لوضعية سوق المحروقات في المغرب، أبرز أقصبي أن هيمنة واحتكار السوق تفرض فوق الأرباح الطبيعية، أرباحا فاحشة في 2 دراهم في اللتر بالمقارنة مع الأطنان التي توزع سنويا، مشيرا إلى أن حجم هذه الأرباح التي تجنيها هذه الشركات ستوضح الفكرة للجميع.
وأكد، أن وضع شركة “لاسامير” لا زال مطروحا رغم البراهين التي قدمها الخبراء والاختصاصيين، وهيئات سياسية ونقابية وغيرها، والتي تذهب في اتجاه أن عودة نشاط الشركة سيستفيد منه الشعب المغربي، وتجعل من البلاد أساسا هي الرابح الأول من عودة الشركة للعمل من جديد.
لكن الجديد، وفق أقصبي، أنه في شهر يونيو من سنة 2023 شكك رئيس مجلي المنافسة في خرجة لوسائل الإعلام في جدوى شركة “لاسامير”، هو ما يعني إعطاء إشارة توحي بأنه يجب نسيان ملف الشركة، وهذا تدخل سلبي ليس من طرف فاعل بل من طرف رئيس مؤسسة كمجلس المنافسة.
مجلس المنافسة يفقد مصداقيته
وحول قرارات مجلس المنافسة، قال أقصبي “إن المجلس خرج في 3 غشت بإشعار للخروقات اقترفتها 9 شركات للتوزيع المحروقات، أبدى فيها عددا من الملاحظات، لكننا انتظرنا إلى غاية 23 نونبر الماضي فخرج قرار لمجلس المنافسة للتغريم الشركات ب 1.8 مليار درهم، وهو ما أثار استغرابا وصدمة لدى المتتبعين حول حجم هذه الغرامات، وأي منطق تم اعتماده لذلك.
وأكد أقصبي أن هذه الغرامات لا تمثل حتى 3 % من رقم المعاملات لسنة واحدة، في حين أن القانون يعطي في حدود 9 %، مما يوضح أن مجلس أبان عن تحيز لهذه الشركات التي حققت أرباحا فاحشة.
ولفت أقصبي إلى أن دراسة للعديد من المختصين في “جبهة الدفاع عن “لاسامير” خلصت إلى أنه لو طبق القانون على الشركات، فإن الغرامات يجب أن تكون ما بين 22.6 مليار درهم كحد أدنى إلى 45.3 مليار في المائة كحد أقصى.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن فمجلس المنافسة في هذه الحالة، قال لشركات المحروقات سددوا 1.8 مليار درهم وعفى الله عما سلف، مضيفا إلى أن الأرباح الفاحشة التي حققتها هذه الشركات وصلت إلى ما يزيد عن 60 مليار درهم، وبالتالي يضيف أقصبي، “نحن أمام حالة لتضارب المصالح، مما يعني أن مجلس المنافسة في هذه الحالة فقد مصداقيته بعد هذا التحيز غير المفهوم لهذه الشركات”.
واعتبر أقصبي في تحليله لوضعية الاقتصاد المغربي في سنة 2023، أن ما خرج به مجلس المنافسة حول الغرامات، يوضح أننا نعيش مشكلا كبيرا في المغرب، موضحا أن الاقتصاد المغربي لا زال يعاني من تضارب المصالح واقتصاد الريع الذي يعيق تطوره.