عبد الكريم مدون يكتب حول معيار الجدارة والاستحقاق لولوج مهنة أستاذ باحث

نشر الأستاذ عبد الكريم مدون، الكاتب الوطني السابق للنقابة الوطنية للتعليم العالي، تدوينة على الفايسبوك حول معيار الجدارة والاستحقاق لولوج مهنة أستاذ باحث وضرورة الدفاع والتأسيس لجامعة وطنية بمعايير دولية (التدوينة أسفله). وقد استهل تدوينته بما يلي :

“اثارتني تدوينة الاخ محمد ماء العينين الذي أشكره على ما كتب… نعم كلنا يطالب بالحقوق وكلنا ينتقد الجامعة والمستوى الذي وصلت إليه لكننا لا نتكلم عن الواجبات والمؤهلات التي يجب أن تتوفر فينا لكي نساهم في تطويرها فالكلام عن الجدارة والاستحقاق ضروري في هذا المستوى ويجب أن نتساءل اليوم كما فعل الاخ ماء العينين هل كل من يلج مهنة الأستاذ الباحث يكون عن جدارة واستحقاق؟” واسترسل الأستاذ مدون قائلا : “هي أسئلة يجب أن نجيب عليها جميعا وان نضع مجموعة من المعايير التي تحمي الجدارة والاستحقاق وان تكون واردة في كل المستويات التنظيمية والقانونية…”

وإسهاما مني في النقاش حول ما يهم الجامعة العمومية، أريد أن أتفاعل مع تدوينة الأستاذ عبد الكريم مدون بشكل مقتضب، لاقول أن مشكل اعتماد الجدارة والاستحقاق لا يهم فقط ولوج منصب أستاذ باحث، بل هو مشكل عام ومتشعّب، يهم مختلف المناصب التي يتم الإعلان عن فتح باب الترشيح للولوج إليها عن طريق مباريات، سواء في قطاع التعليم العالي أو في باقي القطاعات الأخرى… وهذا موضوع أسهبت في طرحه وتناوله من عدة جوانب في العديد من المقالات الصحافية (الورقية والالكترونية)، معتمدا على أمثلة حية، لا يسمح المجال هنا لسردها والتفصيل فيها.

بالمختصر المفيد، وتفاعلوا مع الأستاذ مدون، يمكنني أن أقول أن مشكل المستوى الذي آلت إليه الجامعة المغربية لا يكمن في غياب وضع معايير لحماية الجدارة والاستحقاق، بل عمق المشكل وأساس الداء هو نحن الأساتذة الباحثين، سواء كنا رؤساء الجامعات أو عمداء/مدراء أو رؤساء الشعب أو أعضاء لجن الانتقاء بتواطؤنا، أو كنا مسؤولين نقابيين أو ممثلين في الهياكل الجامعية المنتخبة بصمتنا (مع التأكيد على أنني لا أعمم، لأن هناك أساتذة باحثين شرفاء ونزهاء، لهم مني كل التقدير والاحترام، وهم للاسف قلة قليلة).

إن مربط الفرس الأستاذ المحترم عبد الكريم مدون لا يكمن في وضع المعايير ولا النصوص القانونية، بل في الأستاذ الباحث الذي يعبث بالقوانين ويدوس عليها بشكل انتهازي ومفضوح في غياب تام للمراقبة والردع وتدخل الجهات المعنية.

إن المشكل الأستاذ المحترم عبد الكريم مدون هو أن مباريات انتقاء المترشحين الفائزين لولوج منصب رئيس الجامعة، أو منصب عميد/مدير مؤسسة جامعية، أو منصب أستاذ التعليم العالي مساعد (أستاذ باحث)، أو منصب موظف بمؤسسة جامعية ما هي إلا مسرحيات بئيسة، حيث أن الفائز بهذا المنصب أو ذاك يكون معروفا سلفا وأن لجن الانتقاء يتم اختيارها على المقاس من أجل تنفيذ مهمة خسيسة، ألا وهي إقصاء الكفاءات واختيار المحظوظين.

إن المشكل الأستاذ المحترم عبد الكريم مدون هو أن الوزير بصفته المسؤول الأول عن القطاع وجميع الٱساتذة الباحثين في مختلف المواقع/الهياكل والمسؤوليات الإدارية والنقابية والحزبية يعلمون جيدا ويعرفون حق المعرفة أن مباريات ولوج المناصب ما هي إلا مسرحية رديئة، ولا أحد يحرك ساكنا… بل قد تجدهم متواطئين.

لي اليقين الأستاذ المحترم عبد الكريم مدون أنك قرأت كما قرأ أغلبية الأساتذة الباحثين المقالات التي تطرقت فيها إلى العديد من الحالات منذ أكثر من عقد من الزمن وفضحتها في حينه… حالات تبيّن بالحجة والدليل أن معيار الجدارة والاستحقاق لولوج المناصب حبر على ورق، وأن الشفافية وتكافؤ الفرص في المباريات كلام للاستهلاك فقط. وبما أن موضوع تغريدة الأستاذ عبد الكريم مدون تتعلق بولوج مهنة أستاذ باحث، أذَكّر بمقال نشرته سابقا، أقترحت فيه على حاملي الدكتوراه في مختلف التخصصات خلق إطار وطني، من أهدافه ومهامه رصد كل المباريات المشبوهة وفضح كل من يتلاعب في نتائج مباريات ولوج أستاذ التعليم العالي مساعد واتخاذ الإجراءات المناسبة في هذا الشأن، خاصة وأن بعد كل مباراة تتوصل الوزارة الوصية و/أو رئاسة الجامعة بطعون في النتائج.

آن الأوان لفتح نقاش صريح ومسؤول حول هذه الآفة التي باتت تنخر جميع قطاعات ومؤسسات البلاد بشكل عام والجامعة المغربية بشكل خاص، حيث أصبحت الرشوة والمحسوبية والزبونية هي المعيار للولوج إلى أغلبية المناصب… قبل فوات الأوان، إن لم يكن قد فات، واشهدوا أنني بلغت للمرة الألف.




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...