جمعية حقوقية: ترصد استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في المغرب

-ملفات تادلة 24- 

كشفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، عن استمرار الدولة المغربية في انتهاك حقوق الإنسان والحريات الأساسية، مستغلة ما أسمته جائحة كورونا للعصف بالعديد من الحقوق والحريات تحت مبرر خرق الحجر الصحي وحالة الطوارئ الصحية، وممارسة المزيد من الانتهاكات  والإجهاز على هذه الحقوق.

وأشارت الجمعية في تقريرها السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2020، إلى” استمرار انتهاك الحق في الحياة لأسباب متعددة، مبرزة أن عددا كبير من المواطنين والمواطنات توفوا، جراء الإهمال وغياب الرعاية الطبية اللازمة، أو بسبب عدم التقيد بقواعد ومعايير السلامة، أو انعدام المساءلة وسيادة الإفلات من العقاب “.

وسجلت الجمعية 32 حالة وفاة في مراكز الشرطة والدرك والسلطات وفي السجون، أو بسبب تدخل القوات العمومية،  و50 في المستشفيات والمراكز الصحية والاجتماعية بسبب الإهمال الطبي أو الأخطاء الطبية أو ضعف البنية الاستشفائية، و 47 في أماكن العمل أو بسبب حوادث الشغل أو أثناء التنقل للعمل أو بسبب غياب شروط السلامة بأماكن العمل والأوراش، 22 حالة بسبب لسعات العقارب ولدغات الحيات وداء الكلب/السعار، و29 وفاة بسبب الاختناق الناتج عن تسرب الغاز أو أحادي أوكسيد الكاربون، و 100 حالة وفاة بسبب الفيضانات والغرق والحرائق وحوادث السير الجماعية وغياب التجهيزات الأساسية وغيرها.

ورصد التقرير ،ما أسماه مواصلة الدولة تضييقها التعسفي الممنهج على الحريات العامة وقمعها للحق في حرية التنظيم والتجمع والاحتجاج السلمي، ومحاصرة المنظمات الديمقراطية المناضلة ولا سيما المنظمات الحقوقية المناضلة، واستمرار اعتقال الدولة للعديد من المدافعين على حقوق الإنسان ونشطاء الحركات الاجتماعية المناضلة والصحفيين المستقلين والمدونين، مشيرة إلى توظيف القضاء للزج بهم في السجون بعد محاكمات شكلية انتفت فيها شروط وضمانات المحاكمات العادلة، وإلى رفض الدولة إطلاق سراح معتقلي الراي والمعتقلين السياسيين الذين كان يقضون محكوميتهم في العديد من السجون، ومنهم معتقلو حراك الريف وحراك جرادة وبني تجيت والاتحاد الوطني لطلبة المغرب وممن تبقوا من معتقلي مجموعة بلعيرج، وبعض معتقلي ما يسمى السلفية الجهادية الذين حوكموا في غياب أية إثباتات للتهم التي أدينوا من أجلها.

وكشف التقرير، أن عددا من المعتقلين في السجن رغم إصدار فريق العمل الأممي المعني بالاعتقال التعسفي أراء بشأنهم تعتبرهم معتقلين تعسفا ويطالب الحكومة المغربية بإطلاق سراحهم. وفي هذا الإطار فقد أحصت الجمعية، بناء على ما توفر لديها من لوائح المعتقلين ما مجموعه 226 ما بين معتقل رأي ومعتقل سياسي ومتابع في حالة سراح خلال سنة 2020، غادر منهم السجن ما مجموعه 137 قبل متم سنة 2020، وبقي منهم إلى حدود نهاية 2020، 89 معتقلا.

وسجل التقرير استمرار في انتهاك الحريات الفردية، وضمنها الحق في حرية المعتقد وحرية الضمير، المنصوص عليها في كافة الإعلانات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وفي الدستور المغربي. مشيرة إلى أن ممارستها تصطدم بما يسمى “ثوابت الأمة” و”الهوية الثقافية الثابتة ” للشعب المغربي، ومع القوانين التعسفية التي تجرم العديد من هذه الحريات، إذ ما زال القانون الجنائي المغربي يجرم العلاقات الجنسية الرضائية خارج إطار الزواج، كما يجرم الأشخاص المنتمين للأقليات الجدنرية ويعتبر هويتهم إخلالا بالحياء العام حسب المواد 489 و490 و491 من القانون الجنائي.

وكشف التقرير عن الاستمرار في خرق شروط وضمانات المحاكمة العادلة، في عدد من المحاكمات التي استهدفت العديد من نشطاء حقوق الإنسان والمدونين والصحافيين ونشطاء الحركات الاجتماعية السلمية، وخرق مبدأ العلنية في المحاكمة التي تعرضوا لها بعدم السماح للعموم من عائلات وصحفيين وغيرهم بولوج قاعة الجلسات، وبرفض المحكمة، بشكل مطلق، مثول المعتقلين أمامها، وعدم الاستجابة لطلب دفاعهم بضرورة حق مؤازريهم في المثول حضوريا أمام المحكمة ورفض كل طلبات السراح المؤقت المقدمة من دفاع المعتقلين أمام المحكمة الذي التمس احترام قرينة البراءة، باعتبار أن الحرية هي الأصل.

وبخصوص وضعية السجون والسجناء، قالت الجمعية إنها تدهورت وتفاقمت بسبب السياسة الجنائية المتبعة من طرف الدولة التي تقوم على منطق العقاب والتأديب والزجر وليس على مبدأ الإصلاح والتربية والإدماج، مبرزة أن هذه السجون تشكو من الاكتظاظ المتصاعد، ما يحول حياة السجناء إلى جحيم وَيحول دون تنفيذ برامج التأهيل وإعادة الإدماج، ودون التمتع بالحقوق التي تضمنها المواثيق الدولية لحقوق الانسان، وذلك في تناقض تام مع نداءات المفوضية السامية لحقوق الإنسان للدول المطالبة بالتخفيف من ظاهرة الاكتظاظ من جراء وباء كوفيد.

وسجلت الجمعية في تقريرها السنوي، ارتفاع عدد الوفيات في السجون، إذ بلغت 213 حالة منها 210 سجلت وسط الرجال و3 وسط النساء، وهو ما شكل بحسب التقرير زيادة في عدد الوفيات بالمقارنة مع سنة 2019، حيث بلغت 42 حالة وفاة، ضمنها 11 حالة فقط نتجت عن الإصابة بكوفيد 19. مؤكدة أن أغلب السجناء لا يتمتعون بنظام حماية من الأمراض وخاصة المعدية منها، كما لم تتم حمايتهم من العدوى بجائحة كوفيد 19، حيث أصيب العديد منهم بها، وتوفي 11 مصابا.

وسلط التقرير الضوء على وجود معاملات قاسية وحاطة من الكرامة، مما جعل العديد من السجناء يكسرون حاجز الخوف ويتقدمون بشكايات إلى إدارة السجن أو إلى الجهات المعنية، بلغت 1477 شكاية وتظلم خلال 2020، تأتي في مقدمتها الشكايات المتعلقة بسوء المعاملة.

وفيما يتعلق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فأبرز التقرير التدهور الشامل على كافة المستويات سواء تعلق الأمر بالحق في العمل والحقوق الشغلية أو بالحق في السكن أو بالحق في الصحة أو بالحق في التعليم أو بالحقوق اللغوية والثقافية أو بالحق في الحماية الاجتماعية.

ووقف التقرير   على تردي أوضاع المهاجرين  العامة وطالبي اللجوء وتفاقم المشاكل المرتبطة بالاستقرار، وبالحق في التنقل وبالتسوية الإدارية، وبتوفر الحد الأدنى للعيش الكريم، والتي تفاقمت مع تفشي جائحة كورونا، حيث وجدوا أنغسهم في أوضاع صعبة، وتعرضهم لسوء المعاملة لكل أنواع الاعتداء اللفظي والجسدي وللعديد من الممارسات المهينة والحاطة من الكرامة.

وأشار التقرير إلى أن عددا من الفئات التي لا تزال تعاني من تمتعها بحقوقها كاملة، سواء تعلق الأمر بالمرأة أو الطفل أو الأشخاص في وضعية إعاقة، في ظل غياب مبدأ المساواة بين النساء والرجال في الحقوق في المغرب، مبرزة أن الأطفال بدورهم يعانون من التمييز ما يرتفع معدل الهدر المدرسي، وتزويج القاصرات،

وأبرز التقرير، أن الدولة لم تبادر إلى إعداد خطة استراتيجية من شأنها الحد من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية لجائحة كورونا على الأشخاص ذوي الإعاقة، لتسهيل حياتهم اليومية، ومشيرة إلى ما رصدته الجمعية من خلال وقوفها على حجم الإهمال الذي طالَ هذه الشريحة المجتمعية في مختلف البرامج الوزارية المتعلقة بالوباء.




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...