أزيلال.. مؤهلات سياحية بدون بنية تحتية

 – إعداد: عبد اللطيف المرتضى

 

شلالات أوزود.. طبيعة جاذبة

عبر منعرجات ضيقة تمتد لحوالي 35 كلم من مدينة أزيلال ، وتبعد عن مدينة بني ملال بحوالي ال80 كلم، تنبعث رائحة أشجار الصنوبر والبلوط المنتشرة بجانب الطريق المؤدية لأوزود، ليعزف المكان سمفونية الأرض والجبل والماء. تنتصب بعدها أحد أكبر شلالات إفريقيا وإحدى عجائب الأطلس  المتوسط، بعلو يفوق ال100 متر يصب في مجرى “وادي العبيد” أحد أكبر الأنهار المغربية الذي يقع عليه سد بين الويدان ويعد أيضا رافدا لنهر أم الربيع، تتربع شلالات أوزود على قائمة أكثر المزارات السياحية في المغرب.

’’المداخيل لازلت ضعيفة  لكن نظرة الناس لنا ومزاحهم معنا يكفينا نوعا ما‘‘، إنهم يحتفظون بأمل أن الأمور  ستتحسن مستقبلا، يقول الصحراوي بائع الأعشاب، ويضيف “المنطقة بدأت تتحرك تدريجيا بعد إجراءات التخفيف الأخيرة، الزوار يتوافدون بأعداد محترمة خاصة خلال نهاية الأسبوع، بحكم أن العطلة الصيفية لم تبدأ بعد، بصراحة كنا في حاجة إلى هذه الحركية اشتقنا لمشاهدة واستقبال الزوار.”

يوسف يعمل بائعا في أوزود، عبر عن سروره لاستئناف العمل بعد فترة صعبة قضاها كافة التجار الذين تكبدوا خسائر هامة، وقال في حديث لملفات تادلة ’’وضعنا عددا من التدابير الصحية والوقائية، من ضمنها احترام مسافة الأمان وتنظيم الاستقبال (ثلاثة زبناء داخل المتجر كعدد أقصى)، والتعقيم المستمر للمحلات‘‘.

وشدد يوسف  على أهمية تشجيع السياحة الداخلية لإنعاش النشاط الاقتصادي والنهوض بالمنتوج المحلي، مضيفا ’’نعول كثيرا على السياحة الداخلية لإعادة إقلاع ناجح للنشاط الاقتصادي‘‘، ويأمل بأن تساهم إجراءات  التخفيف الأخيرة، في تدفقات هامة للسياح الداخليين لاكتشاف ما يكتنزه إقليمهم من طبيعة خلابة ومواقع جذب هامة، اعتبارا لكون السياحة الخارجية ستنتظر لبعض الوقت.

تيلوكيت..انعدام شروط السياحة

تتميز محمية تامكة التابعة جغرافيا لجماعة تيلوكيت إقليم ازيلال بطبيعتها الخلابة التي تجعلها وجهة سياحية واعدة، تستقبل آلاف الزوار سنويا سواء من داخل الوطن او من خارجه، بغية الاستمتاع بجمالها ومناظرها المتنوعة.

ومن أبرز نقاط الجذب التي تتوفر عليها المنطقة جبل امسفران التي يبلغ ارتفاعه حوالي 2000 متر عن سطح البحر، والذي يستهوي عشاق بعض الرياضات مثل التسلق والقفز بالمظلات، بالإضافة إلى مجموعة من الوديان والمجاري المائية التي توفر فرصة الاستمتاع لعشاق الرياضات المائية، كما تزخر المنطقة أيضا بمجموعة من المضايق على طول  وادي احنصال، إضافة إلى غطاء غابوي مهم وتنوع بيولوجي محمي يضم انواعا نادرة من الطيور والحيوانات.

سعيد ايت اقديم عضو جمعية شباب تامكة قال في تصريح لملفات تادلة أنه ’’رغم الجمال الطبيعي الذي تزخر به المنطقة  فإنها لا تحظى بالاهتمام اللازم من قبل المسؤولين سواء على المستوى المحلي أو الوطني،  مضيفا أن مؤهلات المنطقة لم تستغل بشكل جيد للنهوض بالوضعية الاقتصادية والاجتماعية لسكان المنطقة بسبب مجموعة من المشاكل والإكراهات‘‘.

أما عن  المشاكل التي تتخبط فيها المنطقة فصرح ايت اقديم ’’نجد في المقدمة مشكل العزلة بسبب الأشغال المتوقفة في الطريق الرابطة بين جماعتي تيلوكيت و زاوية احنصال  في حدود 20 كلم، إضافة إلى مشكل إقصاء شباب المنطقة من إحداث أماكن مخصصة لاستقبال السياح الذين يتوافدون على المنطقة، ورغم العديد من المراسلات التي وجهتها جمعية شباب تامكة لمندوبية السياحة وعامل إقليم ازيلال فإننا لم نتلق أي جواب”.

وأوضح ايت اقديم أن أبرز مشكل هو ظاهرة التلوث التي تتفاقم، منها رمي النفايات على ضفاف المجاري المائية، ورغم المجهودات الجبارة التي يقوم بها شباب المنطقة من حملات لجمع الأزبال وتوعية الزوار. فضلا عن ضعف تغطية شبكات الاتصالات أو انعدامها أحيانا مما يزعج راحة الزوار الذين لا يستطيعون التواصل مع عائلاتهم وأصدقائهم.

 

أيت بوكماز.. تراث عالمي مهمل

تعرف منطقة أيت بو ڭماز ب”الهضبة السعيدة‘‘ ، وهو اسم أطلقه عليها الزوار الأجانب لما يتحلى به سكانها من حفاوة استقبال وروح المرح، وخاصة خلال احتفالاتهم في فصلي الصيف والخريف بمناسبة إقامة حفلات الزواج، أو الأعياد الدينية وموسم الحصاد.

تبعد ”آيت بو ڭماز” بحوالي 250 كيلومترا عن مدينة مراكش و78 كيلومترا عن مدينة أزيلال، بتعداد سكاني يصل إلى حوالي 15 ألف نسمة موزعين على 27 دوارا. يزخر وادي أيت بوكماز بتراث ثقافي وحضاري و جيولوجي متنوع، فإلى جانب القصبات ذات الشكل الدائري التي يعود تاريخ بنائها إلى عدة قرون، تتميز دواوير المنطقة  بمعمار تقليدي اعتمد في تشييده على مواد وهندسة محلية متميزة تختلف عن باقي المناطق المجاورة .

وتتميز المنطقة بآثار خطى الديناصورات والتي تعتبر من المعالم الجيولوجية و السياحية التي تغري الزوار و السياح من المهتمين وغير المهتمين بالجيولوجيا. كما تستهوي المنطقة  المخرجين السينمائيين وعشاق الفرجة نظرا لمؤهلاتها الطبيعية الخلابة وعمرانها الفريد.

 

لكن رغم كل هذه المؤهلات لازالت المنطقة تعاني على مجموعة من المستويات، يقول محمد علا، فاعل جمعوي وابن المنطقة: “ضعف  البنيات التحتية لا تشجع على السياحة في ظل وجود بعض الطرقات الهشة  التي لا تسمح بمرور السيارات وحافلات النقل السياحي مما يخلق نوعا من الخوف في نفوس السياح وهذا ما يفسر التراجع الحاصل في عدد السياح الذين كانوا يتوافدون على المنطقة في وقت سابق.

ويضيف علا في تصريح للجريدة “نقطة أخرى تحول دون الحديث عن صناعة سياحة حقيقية وهو الإشكال المرتبط  بضعف شبكة الانترنيت  في المنطقة” وزاد قائلا ” الانترنيت أصبح مهما في الوقت الحالي بالنسبة لأي شخص كما كان وضعه الاجتماعي، لهذا لا يمكن تطوير السياحة أمام غياب شبكة الانترنيت، ضعف الانترنيت يؤثر حتى على  تسويق المؤهلات التي تتوفر عليها المنطقة ويتسبب أيضا في نفور السياح الدين يريدون التواصل والاطمئنان على عائلاتهم وتقاسم اللحظات الجميلة معهم”.

وأشار نفس المتحدث إلى أن الجمعيات المحلية الخاصة بالمرشدين السياحيين وجمعية جيوبارك مكون  لازالت لم تتوفر لها الإمكانيات الكافية  التي تمكنها من تأطير ومواكبة  أبناء المنطقة، خاصة في مجال  التكوين المستمر وبالأخص في  طريقة  مرافقة السياح  والحرص على سلامتهم.

وتأسف علا على عدم وضع المسؤولين، وخصوصا الوزارة الوصية على القطاع، تأهيل المنطقة ووضع استراتيجية للتسويق لها  والتعريف بها، ضمن اهتماماتهم.  مطالبا في الوقت نفسه بتنويع العرض السياحي  وذلك بتشجيع أنشطة سياحية أخرى ترتبط دائما بالعالم القروي من قبيل السياحة البيئية وسياحة الاستكشاف وبعض الرياضات الأخرى على حد قوله.




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...