-ملفات تادلة 24-
يعد الراحل حمو اليزيد أحد أشهر أيقونات الفن الأمازيغي بالمغرب، وخصوصا بجبال الأطلس حيث ما يزال صدى صوته وعزفه يتردد إلى اليوم.
وقد طبقت شهرة حمو اليزيد الآفاق انطلاقا من خمسينيات القرن الماضي، بفضل أعمال فنية متميزة من قبيل “اتروخ حضوخ ابردان” (أبكي مراقبا الطرق)، “تيولد أونا نتمون” (تزوجت الرفيقة)، “أوا يورا مايتعنيد أيول” (تعال كيف حالك يا قلبي) وغيرها من الأغاني التي أعاد غناءها ثلة من المغنين المغاربة بتوزيع جديد.
يقول الباحث في الثقافة الأمازيغية، إدريس الكايسي، في تصريح للبوابة الأمازيغية لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن الفنان حمو اليزيد، الذي ولد سنة 1929، عمل إسكافيا في طفولته وكان مولعا بالصناعة التقليدية.
وأضاف أنه عندما اشتد عوده، غادر مدينة خنيفرة نحو عين اللوح بالأطلس المتوسط، حيث لحقت به أسرته وبدأ مشواره بضبط الإيقاع على البندير، قبل أن ينتقل إلى العزف على آلة العود، فلوتار (الكمبري) بعد أن تتلمذ على يد بوشتى الخمار، ثم الكمان.
علاوة على ذلك، كان حمو اليزيد آية في الحفظ إذ كان يحفظ الأشعار ويلحنها، كما عرف بتواضعه وأخلاقه الحميدة وارتباطه بالناس، واشتغل ممرضا بمستشفى عين اللوح حيث كان يعرف بلقبه العائلي “بوفلا”.
وبعد أن ذكر بأبرز الوجوه التي رافقت حمو اليزيد، من قبيل موحى بنعيسى وزايد أوحديدو والخصيم الشلاوي ويامنة ولت ويرا وزهرة عبدي، أضاف الكايسي أن الراحل ولج الإذاعة الوطنية سنة 1953 بعد أن اكتشفه رئيس القسم الأمازيغي آنذاك إدريس بلقاسم، مما ساهم في تكريس مكانة الراحل، حيث أثر على العديد من الفنانين مثل الغازي بناصر وعلي أوشيبان وميلود أوالبشير و غيرهم.
وأضاف الكايسي أن حمو اليزيد، الذي توفي يوم 23 أبريل 1973، خلف مجموعة غنية من الأغاني تجاوز عددها 250 أغنية، توزعت بين ما هو عاطفي وما هو وطني على غرار أغنية “أ تربحت أدور تكات الباب” (من فضلك مهلا لا تدق الباب) التي تطرقت لموضوع مقاومة الاستعمار.
وأورد الكايسي مجموعة من الشهادات التي سجلها فنانون أمازيغ معروفون عن حمو اليزيد، منها شهادة الراحل محمد رويشة الذي اعتبر حمو اليزيد “عميد الأغنية الأمازيغية بدون منازع”، وزهرة عبدي التي قالت إن حمو اليزيد كان يتسم بالعفة وجودة الأداء مما جعله محبوبا لدى الجميع.
وذكر إدريس الكايسي، كذلك، شهادة يامنة ولت ويرا، التي رافقت مسار الراحل، حيث أفادت بأنه كان صبورا عند الشدائد وقاوم بأشعاره المستعمر الفرنسي الذي طارده في أماكن عدة، وأنه لم يكن يخشى لومة لائم من أجل الدفاع عن الوطن.
وأفاد الخصيم الشلاوي، أحد رفقاء الراحل، بأن حمو اليزيد كان “جديا في كل شيء”، ويحب الخير للجميع، وكريما مع الفقراء، وكان منزله قبلة للضيوف القادمين إلى عين اللوح.
أما اليوسفي بن موحى، فقال إن حمو اليزيد كان فنانا كبيرا أعطى قيمة مضافة للأغنية الأمازيغية، وترك آثارا لا يمكن لأحد أن يتنكر له.
وهكذا يظل الفنان حمو اليزيد قامة فنية شامخة في سماء الأغنية الأمازيغية المغربية، مما جعل العديد يطلق عليه ألقابا من قبيل “فريد الأطلس” و”عميد الأغنية الأمازيغية”، وبفضل عذوبة صوته و مهارة أدائه استطاعت أغانيه أن تهزم عاملي الزمن والجغرافيا لتنتشر في شتى أرجاء المملكة وتتردد جيلا بعد جيل.
ومع