تهديد رئة الأرض: إزالة الأشجار قد تحول غابات الأمازون المطيرة إلى سهول قاحلة

 – ملفات تادلة 24 –

دمرت الحرائق العام الماضي مساحات شاسعة من الغابات المطيرة البكر في ثلاث قارات تعادل مساحة سويسرا تقريبا أو أحرقت عمدا لإفساح المجال أمام تربية الماشية وإنتاج محاصيل لأهداف تجارية.

وأوضحت “غلوبال فوريست ووتش” في تقريرها السنوي استنادا إلى بيانات الأقمار الاصطناعية، أن البرازيل عانت أكثر من ثلث الخسائر بينما جاءت جمهورية الكونغو الديموقراطية وإندونيسيا في المركزين الثاني والثالث.

وقد أدت الحرائق في العام 2019 إلى تدمير 38 ألف كيلومتر مربع، أي ما يعادل مساحة ملعب كرة قدم من الأشجار القديمة كل ست ثوان، ما جعلها ثالث أكثر الأعوام التي تشهد تدميرا للغابات البكر منذ أن بدأ العلماء في تتبع تراجعها قبل عقدين.

وقالت المشرفة على هذا البحث ميكايلا فايسه مديرة المشاريع في “غلوبال فوريست ووتش” في معهد “وورلد ريسورسز إنستيتيوت” لوكالة فرانس برس “نحن قلقون لأن معدل الخسارة كان مرتفعا جدا رغم كل الجهود التي تبذلها البلدان والشركات للحد من إزالة الغابات”.

وكانت المساحة الإجمالية للغابات المدارية التي أتت عليها النيران والجرافات في أنحاء العالم العام الماضي أعلى بثلاث مرات، لكن الغابات المطيرة البكر، كما كانت معروفة، مهمة كثيرا.

فهي تتميز بامتلاكها أغنى حياة برية على الأرض من حيث التنوع كما تحتفظ بخزانات من الكربون في كتلها الخشبية. وعند اشتعال النيران، يتحرر ذلك الكربون إلى الغلاف الجوي ويتسبب بالاحترار المناخي.

وقالت فايسه “سنحتاج إلى عقود أو حتى قرون لتعود هذه الغابات إلى ما كانت عليه” مع الافتراض أن الأراضي لا تتعرض لتعديات.

وقد تصدرت حرائق الغابات التي اجتاحت أجزاء من البرازيل العام الماضي العناوين الرئيسية فيما كانت أزمة المناخ تحتل حيزا مهما من هموم الرأي العام.

لكنها لم تكن السبب الرئيسي لفقدان البرازيل الغابات الأصلية، وفق ما أظهرت البيانات.

فقد كشفت صور الأقمار الاصطناعية عن العديد من “النقاط الساخنة” الجديدة لتدمير الغابات.

في ولاية بارا على سبيل المثال، تتوازى الحرائق مع تقارير عن عمليات الاستيلاء غير القانونية على الأراضي داخل محمية “ترنشيرا/باكاجا” للسكان الأصليين.

وكان ذلك قبل أن تقترح حكومة الرئيس جايير بولسونارو قانونا من شأنه تخفيف القيود المفروضة داخل هذه المناطق المحمية على التعدين التجاري واستخراج النفط والغاز والزراعة على نطاق واسع، وهو أمر قد يجعل مثل هذه التعديات أكثر شيوعا.

وقالت فرانسيس سيمور من “وورلد ريسيرتش إنستيتيوت” إن هذا الامر غير عادل بالنسبة إلى الأشخاص الذين عاشوا في الغابات المطيرة في البرازيل لأجيال متعاقبة وهو ينم أيضا عن سوء إدارة لهذه المناطق.

وأضافت “نعلم أن إزالة الغابات أقل في مناطق السكان الأصليين”. وتابعت “تشير مجموعة متزايدة من الأدلة إلى أن الاعتراف القانوني بحقوق أراضي السكان الأصليين يوفر حماية أكبر للغابات”.

وقد يزيد وباء كوفيد-19 الأمور سوءا، ليس فقط في البرازيل المتضررة بشكل كبير جراء الفيروس، بل أيضا في أي مكان يستنفد الإمكانات المحدودة أصلا للدول التي تضم غابات مدارية.

وأشارت إلى أن “التقارير عن الارتفاع في نسبة قطع الأشجار غير القانوني والتعدين والصيد غير المشروع وغيرها من جرائم الغابات تتدفق من كل أنحاء العالم”.

فقد شهدت بوليفيا المجاورة خسارة غير مسبوقة في الغطاء الحرجي في العام 2019 بسبب الحرائق، سواء داخل الغابات الأصلية أو في الغابات المحيطة.

وكان إنتاج الصويا وتربية الماشية هما المحركان الرئيسيان وراء جزء كبير من تلك الحرائق.

وفي العام نفسه، أظهرت إندونيسيا تراجعا بنسبة 5 % في مساحة الغابات أو ما يعادل 3240 كيلومترا مربعا، وهو أقل بثلاث مرات تقريبا من الذروة التي شهدتها البلاد في العام 2016.

وكتبت سيمور واثنان من زملائها في مدونة “كانت إندونيسيا واحدة من النقاط المضيئة القليلة في البيانات العالمية بشأن إزالة الغابات على مدى السنوات القليلة الماضية”.

فالأنظمة البيئية المدارية عرضة لتغير المناخ والاستغلال التجاري.

وأظهرت دراسة نشرت في آذار/مارس أن غابات الأمازون المطيرة تقترب من عتبة إذا تم اجتيازها، ستحولها إلى سهول قاحلة في غضون نصف قرن.

وكانت البلدان الأخرى التي شهدت أشد الخسائر في الغابات الأصلية في العام 2019، البيرو (1620 كيلومترا مربعا) وماليزيا (1200 كيلومتر مربع) وكولومبيا (1150 كيلومترا مربعا) تليها لاوس والمكسيك وكمبوديا، وكلها مع أقل من 800 كيلومتر مربع.

ا ف ب




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...