أولاد عياد: شابة تتوسط فريقا من المتطوعين لمواجهة فيروس كورونا (روبورطاج)

 – ملفات تادلة 24 –

تستند شادية بمرفقها إلى سيارة متوقفة، تدقق مجموعة من اللوائح، تضع علامة أمام بعض الأسماء وتظلل أخرى ثم تعود مسرعة إلى فريقها لتنطلق في جولة يوزعون خلالها المؤن على من هم بحاجة إليها بمدينة أولاد عياد.

يصفها زملاؤها بـ’’دينامو‘‘ محرك عملية التوزيع، شادية عياد، 22 سنة، طالبة بمعهد التكوين المهني، تعمل ضمن فريق من المتطوعين يسهر على توصيل المؤن الغذائية إلى الأسر التي تضررت من إعلان حالة الطوارئ الصحية وفرض الحجر الصحي في المغرب.

تتنقل شادية وزملاؤها في الفريق باستعمال دراجات ثلاثية العجلات محملة بالمؤن، ’’ مشاركتي في حملة التحسيس و في عملية توزيع المساعدات الغذائية تشعرني بسعادة ومتعة كبيرتين، إنني أشعر بوجودي كإنسان و كإمرأة تقدم خدمات تطوعية ‘‘ تقول شادية التي تستطيع التعرف على عناوين الأسر التي هي بحاجة إلى المساعدة، وتعرف العائلات وتحظى بتقدير كبير.

هي الفتاة الوحيدة ضمن فريق المتطوعين وتلعب دورا أساسيا في عملية التحسيس بضرورة الالتزام بالحجر الصحي، ’’أشعر بالفخر لأنني أقدم خدمة جليلة لوطني ولأهلي، وكوني فتاة تشتغل مع الشباب لم يطرح أي مشكل، بالعكس ساكنة المدينة تشجعني وتثمن ما أقوم به‘‘ تقول شادية وهي منشغلة بترتيب اللوائح داخل ورشة لإصلاح العجلات تطوع صاحبها لتكون مركزا للفريق.

 

ورشة المتطوعين: أمل في تغيير أنماط التفكير التقليدية والسياسيات العمومية

المكان أشبه بخلية نحل، تحولت ورشة والد نور الدين السعدي، عضو النادي، إلى غرفة عمليات للفريق المكون من 24 من المتطوعين، أغلبهم أعضاء نادي أقدام الأمل للرياضات الجبلية بأولاد عياد، الذين كانوا يحضرون لتظاهرة رياضية، إلا أن إعلان حالة الطوارئ جعلتهم يلغون جميع الأنشطة المبرمجة، وحولوا مجهوداتهم واستعدادهم إلى خدمة سكان المدينة.

ثبت المتطوعون سبورة على الجدار تتضمن بطاقات عليها أسماء أحياء المدينة، ويحمل كل مجموعة من الفريق لوائح بأسماء الأسر المستهدفة، ’’نعتمد على لوائح تسلمها السلطات ونضيف الأسر التي يرصدها المتطوعون المكلفون بالتوزيع أو المواطنين الذين يتصلون بالمركز‘‘ يقول نور الدين السعدي.

وتمكن نادي أقدام الأمل من توزيع ألف قفة من مجموع ألفي قفة وزعتها جمعيات المجتمع المدني، تم تخصيصها من طرف مجلس جهة بني ملال خنيفرة والجمعية الإقليمية للتنمية الثقافية والرياضية بالفقيه بنصالح، كما ساهم محسنون في هذه العملية.

وأشاد صالح حنين، رئيس المجلس الجماعي، بمساهمة المجتمع المدني في توزيع المساعدات على الأسر المتضررة، وقال في تصريح لملفات تادلة ’’لم نجد أية مشكلة في عملية توزيع القفة التي نظمتها الجمعيات بطريقة محكمة، ووتيرة تغار منا بشأنها جهات أخرى‘‘.

عزيز البرنوصي عضو نادي أقدام الأمل الذي يسهر على تنسيق عمليات التوزيع اعتبر انخراطهم في حملة مواجهة فيروس وواجبا وطنيا، ’’ لا يمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي لأننا نعتبر النادي مؤسسة تربوية ويعتبر التطوع من أهم مبادئه‘‘ ، يقول عزيز وهو يأمل أن يكون زمن ما بعد الجائحة ’’زمنا للحسم والتغيير سواء في الأنماط الفكرية التقليدية وفي السياسات العمومية‘‘.

وتطوع 5 من أصحاب دراجات نقل السلع ثلاثية العجلات لإيصال المؤن والمتطوعين، حسب جداول زمنية محددة وتوزيع يراعي الوصول إلى كل الأحياء، وتتنقل الدراجات عبر الشوارع الفارغة والأزقة  التي تعرف إغلاقا تاما.

’’ممنوع الدخول‘‘:

تعيش مدينة أولاد عياد حالة شبه إغلاق تام منذ الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية بالمغرب، عند مدخل المدينة من الجهة الشمالية للمدينة نصب الدرك حاجزا دائما للتدقيق في من يدخل ومن يخرج وفحص رخص التنقل الاستثنائية. أغلقت السلطات كل المنافذ المؤدية إلى المدينة والمداخل الرئيسية وأبقت على مدخل وحيد فقط للتحكم في حركة الدخول والخروج.

مباشرة بعد اغلاق الحدود والمعابر البحرية واغلاق المجال الجوي، قامت السلطات بحصر الاشخاص الوافدين من الخارج وحسب مصادر ملفات تادلة، فقد تم الوصول إلى 11 شخصا قادمين من إيطاليا، شخصين من فرنسا، شخصين من اسبانيا إضافة إلى شخص من الولايات المتحدة الأمريكية وآخر من السعودية.

وبالتنسيق مع مندوبية الصحة تم إخضاع الوافدين من هذه الدول للتحاليل الخاصة بكوفيد 19 والتي جاءت نتيجتها كلها سلبية، وتم إلزامهم بالحجر الصحي ببيوتهم وتتبع حالاتهم من طرف السلطات. كما تم اخضاع عدد من الأجانب العاملين بمعمل السكر والمقيمين بالمدينة للتحليل الطبية والحجر الصحي لمدة أسبوعين.

نضحي ونواجه جميعا لنهزم الوباء:

بتاريخ 22 مارس المنصرم، أصدر المجلس الجماعي لأولاد عياد قرارا مؤقتا يقضي بتحديد أوقات فتح وإغلاق المحلات التجارية، حيث حدد التوقيت من الساعة الثامنة صباحا إلى السادسة مساء، وحدد المحلات المسموح لها بفتح أبوابها والمرتبطة بالمواد الاستهلاكية والغذائية، ’’حرصنا على اتخاذ إجراءات سريعة من أجل تجنيب مدينتنا أية تطورات لا تحمد عقباها‘‘ يقول رئيس المجلس الجماعي.

ووقعت السلطات محضر اجتماع مع أرباب سيارات الأجرة والحافلات خلص إلى تحديد عدد الركاب في 3 بالنسبة لسيارات الأجرة الكبيرة و24 راكبا بالنسبة للحافلات، ’’القرار صعب على أصحاب الطاكسيات لكن علينا أن نضحي ونواجه جميعا هذا الفيروس لننتصر عليه‘‘ يقول سعيد سائق سيارة أجرة تعليقا على المحضر. كما تم توقيع محضر اجتماع مع الصيدلانيين يقضي بتحديد توقيت العمل مع إلزام الدكاترة الصيدلانيين بالتواجد في الصيدليات طيلة فترة العمل.

وباشر عمال النظافة عمليات التعقيم باستخدام المعدات المخصصة لذلك، شملت جميع المؤسسات العمومية والخاصة، ووضع برنامج يومي لذلك، كما باشروا تعقيم الشوارع مرة كل يومين، وساهم عدد من المواطنين بآلياتهم في هذه العملية ’’طلبنا من الفلاحين تزويدنا بالجرارات وبآلياتهم من أجل المساهمة معنا في إنجاح عمليات التعقيم‘‘.

ولم تكن المدينة استثناء من حالة الهلع التي عرفت عدد من المدن، حيث شهدت ’’السويقة‘‘ إقبالا كثيفا من طرف المتبضعين الذين تهافتوا على اقتناء السلع والمواد الغذائية، واضطرت السلطات لوضع حواجز عند مداخلها وتسيير دوريات من القوات المساعدة والدرك لضبط الوضع.

وتعرف المدينة حملات دورية لمراقبة الأسعار وجودة المواد الغذائية، من طرف لجنة مشتركة من مختلف المصالح، وعاينت ملفات تادلة إتلاف عدد من المواد المنتهية صلاحيتها، ’’هذه العملية تدخل في إطار جودة المواد الغذائية من طرف اللجنة الإقليمية‘‘ يقول مصطفى بورحيم تقني بمكتب حفظ الصحة.

 

حرص وتعبئة للحفاظ على ’’صفر حالة‘‘:

ولا يبدو أن السلطات تواجه مشكلة من طرف الساكنة في الالتزام بالحجر الصحي، حسب ما عاينت ملفات تادلة، ويبدو أن الحملات التحسيسية أعطت أكلها، كما يمكن ملاحظة تجاوب المتبضعين، والذين يغادرون منازلهم مصحوبين بوثيقة التنقل الاستثنائية، مع توجيهات الدوريات التي يجري تسييرها بوجود باشا المدينة و القائد مرفوقين بعناصر القوات المساعدة.

’’لم يتقبل الناس الحجر الصحي، أو لنقل لم يستوعبوا في البداية لكنهم في وقت قصير تجاوبوا مع نداءاتنا ومع حملات التوعية التي نظمتها الجهات المختصة‘‘ يقول عزيز، عضو نادي أكتيزم، وهو يظهر ملصقا قام النادي بإعداده يدعو المواطنين لالتزام منازلهم ضمن حملة للتوعية والتحسيس.

وحسب مصدر مقرب من السلطات بأولاد عياد لم يتجاوز عدد المخالفين للحجر الصحي الذين تم ضبطهم 20 شخصا منذ الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية يوم 20 مارس المنصرم، بينما توبع 3 فقط في حالة اعتقال في تهم أخرى، ويرى المصدر أن هذا الرقم يؤشر على انضباط الساكنة خصوصا أن أغلب المخالفات تم ضبطها في أول أيام حالة الطوارئ.

ويحرص سكان أولاد عياد والمتطوعون والسلطات على إبقاء مدينتهم بمنأى عن أية إصابة، وأن تعبر فترة الحجر الصحي بدون تسجيل أية حالة إصابة، حيث أن المتطوعين حريصون على مواصلة التوعية والتحسيس ومساعدة الساكنة بحماس، بينما دعا رئيس المجلس الجماعي إلى ’’وضع يد في يد ليس عن قرب بل بالتباعد الاجتماعي في هذه المرحلة‘‘‘، يقول الرئيس، ويضيف ’’غيرنا يغار منا على صفر حالة، وعلينا أن نحافظ عليها لأننا نريد أن نتقابل بعد أن ينتهي كل هذا، ونريد أن نعيش سويا‘‘.




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...