-حسن وشكو صحفي متدرب-
ربورتاج:
الحق في إعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من الإعاقة وإدماجهم في الحياة لاجتماعية والمدنية، والحق في الصحة والتعليم وسكن لائق وحياة كريمة مع الأبناء، مصطلحات تعرض على المسامع في الاتفاقيات الدولية والقوانين الداخلية دون أن يتلمس معناها الحقيقي في المجتمع المغربي، أو هكذا هو حال أسرة تتقاذفها الأقدار تعيش في معاناة لا تطاق عقب ولادة ستة أبناء ثلاثة منهم يعانون إعاقة ذهنية لا يتكلمون ولا يسمعون ما بحولهم.
تستقيم بك الطريق الحديثة التعبيد الرابطة بين “القصيبة” و”أغبالة نايت سخمان” إلى حين الوصول إلى مركز الجماعة القروية ل “تيزي نيسلي” الواقعة في هضبة “أزغار فال” المعروفة بأراضيها الفلاحية الشاسعة المنتجة لفاكهة التفاح، والتابعة للنفوذ الترابي لعمالة بني ملال، وقرب ثانوية التفاح تقطن أسرة مكونة من أب وأم وستة أبناء ثلاثة منهم يعانون إعاقة ذهنية، لا يتكلمون ولا يسمعون، ولا يعون ما يدور حولهم، الوضع الذي حول حياة الأسرة إلى جحيم رغم إيمانها بالقضاء والقدر، إنها عائلة زايد أبراراي.
ثلاثة أبناء معاقين
مأساة زايد الذي أشرف عمره على العقد الخامس، انطلقت منذ الولادة الثانية، إذ حينها ازدادت البنت الثانية، فتم اكتشاف إعاقتها، وبعدها ازدادت مولودة أخرى لم تسلم هي أيضاً من هذا الداء، ليتبعها ابن كان ناجيا، ويعود مرض الإعاقة ليصيب الابن الأصغر سنا منهم، بنتان وابن كلهم يعانون الإعاقة نفسها، أكبرهم حوالي 23 سنة وأصغرهم لم يتجاوز عمره سنتان، تسمع منهم أصوات لا يفهمها إلا أسرتهم ولا يسمعون ما بحولهم،
بطاقة غير صالحة
يروي زايد أنه أنجز بطائق التغطية الصحية لأبنائه، ورغم ذلك يقول “لم يسبق لأبنائي أن استفذوا من التغطية الصحية رغم وجود بطاقة (راميد)، والآن انتهت مدة صلاحيتها”، ولم يتم حتى نصحه من طرف الأطباء بعدم الإنجاب أو التوقف عنه، بل ظل يعتقد أنه سينجب ابنه السادس سليما، لكن خاب اعتقاده. ويتحدث زايد بنبرة مليئة بالحزن “قمت سنة 2016 بنقل البنتين إلى مستشفى ابن سينا بالرباط وطلبوا لي أربعون مليون مقابل علاجهما ولم يكون أمامي إلا خيار إرجاعهما إلى المنزل لأنني ولو اشتغلت ليلا نهارا لا يمكن أن أجمع هذا المبلغ الضخم” ليرضخ للأمر الواقع ويترك أبنائه الثلاثة على حالهم.
الفـقـر والتمـدرس
في هذه القرية التي شهدت في السنوات الأخيرة توسعا عمرانيا، يتحدث والد المعاقين الثلاثة، عن معاناته، سواء أراد نقل أبنائه إلى المستشفى وغلاء أسعار السفر، إضافة إلى الفقر وضعف ذات اليد، اللذين طوقاه من كل جانب وجعلاه يرضي بما يعتبره مكتوبا عليه، وحتى أجرته كعامل لدى فلاح كبير في المنطقة غير كافية لقضاء حاجيات أبنائه، وصرح بلسانه الأمازيغي ” ها نحن نصرف ما كتبه الله علينا”. وكذا عدم وجود مدارس تعنى بهذه الفئة ساهم في تعميق معاناته، يقول زايد “بنتي الكبيرة غادرت المدرسة في المستوى الخامس ابتدائي بسبب عدم وجود أساتذة متخصصين في دراسة ذوي الاحتياجات الخاصة” ما جعلها حبيسة محيط المنزل، كما أردف “البنت الثانية تدرس الآن في المستوى السادس ومهددة هي كذلك بالانقطاع على الدراسة في أي لحظة” .
لا دعم ولا مساعدات
بنبرة حزينة نفى زايد أن يكون أي من السلطات أو الجمعيات المهتمة بالمعاقين طرق بابه أو سأله عن طريقة تدبير أموره، مضيفا أنه لم يعود يؤمن بوعود بعض الجمعيات التي تقول ما لا تستطيع فعله،
رغم كل المعاناة والظروف القاسية، يحب زايد أبنائه، كما يحبونه، يفهمهم ولو أنهم لا يتحدثون، فقط بإشارتهم وإيماءاتهم، يدرك مرادهم ويلبي بسرعة طلباتهم. يعاني في صمت ويخفي معاناته بابتسامة عارضة في وجه أبنائه الذين إن ما يروه حتى يسرعون إليه.
صرخات زايد تتوجه إلى الجمعيات والمسؤولين عن رعاية المعاقين، للالتفات إلى ذوي الاحتياجات الخاصة في الوسط القروي، التي تكون انعكاساتها أشد قسوة وألم، فلا اهتمام ولا مساعدات.