مؤسسة محمد الخامس للتضامن وشرعنة البؤس بأزيلال

مروان صمودي

إنهم يشرعنون البؤس ويلبسونه لبوس الإنسانية، ينمقونه ويحيطونه بهالة إعلامية بقدر ما هي طاحنة إلا أنها فاشلة سريعة الزوال، لأن البؤس والفقر ليس بقضاء ولا قدر ولكنه تحصيل ونتاج لطبيعة نظام يرى في مثل هذه المناطق عبئا اقتصاديا لا يجنى منه غير البؤس وفي نفس الوقت يعتبرها جنة يلجأ إليها كلما توترت أعصابه للبحث عن نسيم عليل.

أن ننتظر تعليمات رئيس البلد لنهرع ببضع قنينات زيت وقطع سكر وبطانيات رديئة، استخفاف بالإنسان والإنسانية، إن ننتظر التفاتة ملكية لنشحذ الإعلام المزمر على طول العام، إعدام مع وقف التنفيذ في حق ساكنة المناطق المعزولة قسرا وعمدا ساكنة لا تنتظر الصداقات ولا الهبات بقدر ما تطالب بتفعيل الدستور المعلول، وباحترام أدميتها واحترام مغربيتها لا السخرية والاستهزاء بجراحتها التي لا تنتهي، لأنه لا يعقل أن نستمر في تكريس مفهوم “الطلبة “وتكريس الدونية في حق سكان كان لهم الفضل الكبير في تحرير هذه البقعة الجغرافية المسماة المغرب، وفي النهاية نعاقبها بالإقصاء والتهميش وكأن لسان الحال يعتذر للمستعمر عن الخسائر التي تكبدها في تخوم أزيلال الأبية.

ما معنى أن تنهض مؤسسة محمد الخامس من سباتها الطويل لتمنح الفتات المرفوض جملة وتفصيلا، وما معنى أن تجند وزارة الداخلية كل طاقتها البشرية واللوجيستكية في هذا الوقت بالذات، ألا يعد ذلك سخرية واستهزاء وبيعا للوهم وإذلالا متعمدا؟؟ كان من المفروض والواجب بدل منح الصدقات  المناسبتية وبعدها الاختفاء… تأهيل تلك المناطق وفك العزلة عنها وجعلها منطقة مؤهلة اقتصاديا ومنتجة تنفجر فيها الطاقات الإبداعية المحاصرة والمقموعة والواعدة…

مواجهة البرد القارس وتساقط الثلوج والانخفاض الشديد لدرجات الحرارة، بخمس ليترات من الزيت وقالب سكر وعلبة شاي وبعض الحليب الجاف  وبطانية لكل أسرة، واشدد هنا على كلمة أسرة لأن الأسرة ليست فردا واحدا وإنما عائلة وبالتالي وجب عليها قسرا اقتسام بطانية واستهلاك الفتات لمدة 5 أشهر ! !  ألا يعد ذلك استهزاءا وسخرية بل وإذلالا كبيرا؟؟؟ 

 وتتكرر المأساة كل عام، وكل عام يطالعنا الإعلام بنفس القصاصات وبنفس الوجوه إلا من مات، وجوه تخرج من قصورها المكيفة لتركب سيارتها المجهزة وتتجه صوب مداشر أزيلال، لتتصنع الحزن وتصبح  جد أليفة وتفيض إنسانية، تربت على كتف عجوز وتعانق شيخا وتقبل طفلا مكرهة على تنفيذ هذا البرتوكول والظهور بمظهر المسؤول الإنسان، الذي كان بمقدوره أن ينهي هذا العبث.

 فبدل بناء مستشفى/خيمة بناء مستشفى مجهز يشتغل على طول السنة يعمل فيه لأطباء والممرضون والممرضات الذين واللواتي تفرق دمهم/ن في شوارع العاصمة السعيدة، وتعبيد الطرق وإصلاحها وتجهيز الدواوير بالماء والكهرباء وبناء المدارس وخلق مناطق صناعية إنتاجية، تتلاءم وخيرات المنطقة الغنية، وبدل أن يمنح العامل أو الوالي أو الجنرال مهدئات بأمر من رئيس البلد ومسكنات سريعة الزوال، أن يعملوا على التخلي عن ثقافة الصدقات والإكراميات والهبات المباركة، لاسيما أن جهة بني ملال- خنيفرة جهة غنية يرفل رئيسها في النعيم ويوزع الإكراميات على الحاشية، في وقت لزم عليه التفكير في تأهيل المناطق التي انتخب عليها لعلها تدخل في ميزان حسناته، وإن لم يتبقى له غير كفة السيئات، إن المأساة لا تنتهي بزيارة ولن تنتهي بهذه الكلمات لكن التاريخ لا بد وأن يعيد نفسه بقسوة.




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...