-عمر طويل-
جرى اليوم الأربعاء 04 يونيو 2025، توقيع اتفاقية شراكة جديدة بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ومؤسسة المدى، تروم توسيع نطاق مشروع “الأقسام المتصلة – دير يديك”، الذي يسعى إلى تحويل الفصول الدراسية القروية إلى فضاءات رقمية حديثة تواكب تحولات التعليم العالمي، وذلك بين وزير التربية الوطنية محمد سعد برادة، ورئيس مؤسسة المدى حسن الورياغلي، بحضور محمد بنرباك، والي جهة بني ملال خنيفرة،
وعرفت الزيارة التي قام بها وزير التعليم حضورا وازنا لعدد من مسؤولي كبرى المؤسسات الاقتصادية الوطنية، بينهم عز الدين المنتصر بالله، الرئيس المدير العام لشركة “إنوي”، وعماد التومي، الرئيس المدير العام لمجموعة “مناجم”، ما يعكس حجم الانخراط الفعلي للقطاع الخاص في دعم المدرسة العمومية.
المرحلة الثانية من المشروع، التي جرى الإعلان عن انطلاقها رسميا من مدرسة أولاد عبدون الابتدائية، تأتي بعد النتائج المشجعة التي حققتها المرحلة الأولى، وستشمل تجهيز أكثر من 100 مؤسسة ابتدائية قروية عبر مختلف جهات المملكة، ليستفيد منها أزيد من 30 ألف تلميذ في أفق سنة 2026.
ولا تقتصر المبادرة على الربط بالإنترنت أو تزويد الأقسام بالمعدات التكنولوجية، بل تشمل أيضا برنامجا تكوينيا طموحا للأساتذة والتلاميذ، في مجالات دقيقة مثل البرمجة والروبوتيك والذكاء الاصطناعي، وذلك في إطار برنامج “قافلة البرمجة للجميع” الذي تشرف عليه الوزارة، بشراكة مع فاعلين تربويين واقتصاديين.
وفي خطوة نوعية، تشمل الاتفاقية الجديدة أيضا تنظيم ورشات تأطيرية بشراكة مع جمعية “إنجاز المغرب”، المهتمة بتربية التلاميذ على مفاهيم الاقتصاد المحلي، وتدبير الميزانية، وتسيير المشاريع، ما يسهم في تهيئة جيل جديد من المتعلمين القادرين على التفاعل مع ديناميات الاقتصاد العصري والانخراط في مجتمع المعرفة.
وكانت المرحلة الأولى من مشروع “الأقسام المتصلة – دير يديك” قد انطلقت في مارس 2024، واستهدفت ثلاثين قسما دراسيا موزعين على مناطق مختلفة، استفاد منها أزيد من 12 ألف تلميذة وتلميذ، وشكلت اللبنة الأولى نحو تقليص الفجوة الرقمية بين الوسطين الحضري والقروي، وتحقيق مبدأ الإنصاف في الولوج إلى تعليم حديث وفعال.
ويمثل هذا المشروع المشترك بين القطاع العام والقطاع الخاص، بقيادة وزارة التربية الوطنية ومؤسسة المدى،نموذجا في التعاون البناء لتطوير المدرسة العمومية، ويعكس وعيا متزايدا بأهمية إدماج التكنولوجيات الحديثة في صلب العملية التربوية، خاصة لفائدة الفئات الهشة والمناطق ذات الأولوية.
كما يسعى المشروع إلى ترسيخ رؤية جديدة للتعليم القروي، تجعل من التحول الرقمي أداة استراتيجية للرفع من جودة التعلمات، وبوابة لتكوين جيل متمكن من أدوات المستقبل، في وطن يراهن على كفاءات شبابه لتحقيق التنمية المستدامة.
وفي تصريح له مع جريدة ملفات تادلة 24، أكد مصطفى السليفاني، مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة بني ملال خنيفرة، أن تجربة الأقسام المتصلة التي استفادت منها في السابق ست أكاديميات جهوية، ستعمم اليوم على باقي الأكاديميات من خلال اتفاقية جديدة، مبرزا أن حوالي 100 مؤسسة تعليمية بالوسط القروي ستستفيد من هذا المشروع، وهو ما يشكل بحسب تعبيره ـ “إشارة قوية على دعم واحتضان الفاعلين الاقتصاديين للمدرسة العمومية المغربية”.
وأوضح السليفاني أن هذه المبادرة تتجاوز مجرد توفير التجهيزات والمعدات، لتشكل تجربة بيداغوجية رائدة تستهدف تجويد المنظومة التربوية من خلال إدماج التكنولوجيات الرقمية في الممارسة الصفية. وأضاف أن المدرسة المغربية تعيش اليوم في سياق ثورة الذكاء الاصطناعي، مما يفرض تهيئة التلميذات والتلاميذ للانفتاح على المستجدات التكنولوجية ومواكبة التحولات العالمية.
وشدد على أن التجربة، التي انطلقت من مركزية أولاد عبدون بالفقيه بن صالح، أظهرت نتائج مشجعة، مؤكدا أن دمج التكنولوجيا في العملية التعليمية سيمكن المتعلمين من تملك أدوات العصر وتوظيفها في التعلم اليومي، بما يسهم في تطوير جودة التعليم والرفع من فعالية النظام التربوي الوطني.
من جهتها أعربت نادية رحيم، مديرة العلامات والتواصل بشركة “إنوي”، عن اعتزازها بالمشاركة في تدشين مشروع “الأقسام المتصلة – دير يديك” بمدرسة أولاد عبدون، معتبرة أن هذه المبادرة تمثل خطوة مهمة في دعم التحول الرقمي داخل المدرسة العمومية المغربية، لاسيما بالمجال القروي.
وأكدت رحيم أن الهدف الرئيسي للمشروع يتمثل في تمكين التلاميذ من الاستفادة من حلول رقمية متطورة لتقوية مهاراتهم ومساعدتهم على النجاح في مسارهم الدراسي، موضحة أن المشروع لا يقتصر فقط على توفير الربط بالإنترنت وتجهيز الأقسام، بل يشمل أيضا مواكبة الأساتذة والتلاميذ عبر تكوينات تطبيقية في مجالات حديثة كالذكاء الاصطناعي والبرمجة.
وشددت على أن مشروع “الأقسام المتصلة” هو ثمرة شراكة فعالة بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ومؤسسة “المدى”، وشركة “إنوي”، إلى جانب عدد من الفاعلين، بهدف تعزيز الإدماج الرقمي بالمدرسة العمومية، وخاصة في المناطق القروية.
وأوضح عبد الصادق لعزيري، مدير مدرسة أولاد عبدون، أن المؤسسة احتضنت هذا اللقاء في إطار الشراكة المفعلة المتعلقة بمشروع “الأقسام المتصلة”، مشيرا إلى أن حصيلة هذا المشروع كانت متنوعة ومثمرة على عدة مستويات.
وأكد أن القاعة الرقمية التي تم تجهيزها في إطار المشروع أصبحت فضاء مركزيا يحتضن مختلف الأنشطة داخل المؤسسة، سواء تعلق الأمر بالحصص البيداغوجية، أو حصص الدعم المدرسي، أو أنشطة الحياة المدرسية، إلى جانب الورشات التكوينية.
وأضاف أن المؤسسة استضافت، بشراكة مع المديرية الإقليمية بالفقيه بن صالح، أزيد من أربعة تكوينات متخصصة، شملت مجالات إنتاج الموارد الرقمية والحصول على شهادات “MOS”، ما يعكس الدينامية التي أحدثها هذا الفضاء في تعزيز جودة التعلمات وتنمية كفايات الأطر التربوية والتلاميذ على حد سواء.