خبراء ومختصون يناقشون إكراهات وآفاق الأمن العقاري في ندوة علمية بالمحكمة الابتدائية بسوق السبت

-محمد لغريب-

أكد المتدخلون في الندوة العلمية الوطنية، التي احتضنها رحاب المحكمة الابتدائية بسوق السبت أولاد النمة، يوم الأربعاء 30 أبريل، حول موضوع “الأمن العقاري: الإكراهات والآفاق”، على أهمية الأمن العقاري باعتباره إحدى ركائز دولة الحق والقانون والمؤسسات، وعلى دوره الحيوي في تحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.

وناقش المشاركون في هذه الندوة، التي نظمتها المحكمة الابتدائية بسوق السبت أولاد النمة، والمجلس الجهوي لعدول دائرة محكمة الاستئناف ببني ملال، والمجلس الجهوي لعدول دائرة محكمة الاستئناف بطنجة، بتنسيق مع الهيئة الوطنية للعدول، مجموعة من القضايا والإشكالات القانونية والعلمية والاجتماعية المرتبطة بالمنازعات العقارية، إلى جانب إشكالية توثيق العقود باعتبارها من الركائز الأساسية التي يُبنى عليها الأمن التعاقدي في المجال العقاري.

وشارك في هذه الندوة أساتذة في القانون الخاص، ومحامون، وخبراء، وقضاة، وعدول، وموثقون من مختلف المدن المغربية، بالإضافة إلى حضور شخصيات مدنية وعسكرية، وأخرى تنتمي إلى سلك القضاء. كما حضرها الكاتب العام لعمالة إقليم الفقيه بن صالح، وباشا مدينة سوق السبت، ومنتخبون، وطلبة، وعدد من المهتمين بالقضايا العقارية.

وفي كلمة لها، شددت عائشة العازم، رئيسة المحكمة الابتدائية بسوق السبت أولاد النمة، على أهمية القوانين في تأمين الوعاء العقاري، بما يكفل حمايته وتقوية مناعته، ويسهل طرق تداوله، ويشجع الاستثمار فيه، تنزيلا للمخططات التنموية وتحقيقا للعدالة الاجتماعية والاقتصادية.

وأشارت إلى أن دائرة نفوذ المحكمة الابتدائية بسوق السبت أولاد النمة لا تشذ عن هذه القاعدة، إذ تزخر برصيد عقاري مهم ومتنوع، يشمل أراضي الضم، والأراضي السلالية، وأملاك الدولة، وعقارات في طور التحفيظ. وأضافت أن المجال الحضري بدأ يتوسع بقوة على حساب المجال القروي، مما أدى إلى تنامي التجزئات العقارية، وهو ما انعكس في تنوع القضايا المعروضة على القضاء.

من جانبه، أكد بوشعيب لوردي، وكيل الملك لدى المحكمة ذاتها، على أن أهمية موضوع الندوة تنبع من المكانة المحورية للعقار في حياة الإنسان، ومن دوره الحيوي في تحقيق التنمية المستدامة، وهو ما يستدعي التدخل في مجال الضبط وتصفية النزاعات العقارية وضمان الأمن العقاري.

وأبرز أن أهمية هذا الموضوع تتبلور بشكل أوضح عند استحضار البنية العقارية بالمغرب، والتي تتميز بالتنوع والتعدد، وتتداخل فيها مجموعة من العوامل الداخلية والاجتماعية والاقتصادية، مما نتج عنه تعدد الأنظمة القانونية. مشيرا إلى أن قطاع العقار لا يزال يعاني من عدة إكراهات تعيق تحقيق الأمن العقاري، وفي مقدمتها تنامي ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير.

وأشار بوشعيب لوردي إلى المجهودات التشريعية المبذولة لتحقيق الأمن العقاري، من خلال توفير منظومة قانونية متكاملة تؤطر مختلف أنواع العقارات والحقوق المرتبطة بها، إلى جانب الجهود الرامية إلى إرساء الثقة والطمأنينة لدى الأفراد والجماعات. وأضاف أن رهان الأمن العقاري ظل يشكل موضوع تأمل واهتمام مستمر، وفي مقدمته العناية الملكية السامية، كما أكدت ذلك الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، المنعقدة في 8 دجنبر 2015.

وفي تصريح لملفات تادلة 24 قال إدريس طرالي رئيس المجلس الجهوي لعدول محكمة الاستئناف بني ملال، إن هذه الندوة العلمية جاءت لتسلط الضوء على موضوع الأمن العقاري الذي يظل هاجس جميع المواطنين المغاربة، باعتباره رافعة مهمة للاقتصاد الوطني ودعامة أساسية في التنمية المستدامة.

وأشار طرالي إلى أن هذه الندوة جاءت لتسليط الضوء على مختلف الإشكالات والعراقيل التي تواجه المواطن المغربي في سبيل تحقيق أمن عقاري يضمن استقرار معاملاته المالية والعقارية، مؤكّدًا على الدور الحيوي للأمن العقاري في دعم الاستثمار المنتج وتحقيق الاستقرار والسلم الاجتماعيين.

واعتبر الطرالي أن الآليات القانونية وحدها غير كافية لتحقيق الأمن العقاري، ما لم تقترن بأمن قضائي ملم بجميع المقتضيات وواعٍ بمسؤوليته بوصفه الحارس للأمن القانوني والحامي لمبادئه وقواعده. مؤكدا على أهمية الأمن التعاقدي، حيث تلعب مؤسسة التوثيق العدلي دورا بارزا في تكريس وترسيخ مبادئه، وإشاعة الثقة بين الناس، وطمأنتهم بفعالية القانون في حماية حقوقهم واستقرار معاملاتهم.

من جانبه، أكد سعيد الصروخ، رئيس المجلس الجهوي لعدول محكمة الاستئناف بطنجة، أبرز أن قيمة الندوة تكمن في تنوع المتدخلين، حيث تم تناول هذا الموضوع من زويا متعددة من خلال مشاركة أساتذة ومختصين في القانون، وموثقين، فضلا عن حضور العمل القضائي. مشددا على راهنية موضوع الأمن العقاري اليوم بالنسبة لكافة الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين.

ولفت إلى أن العقار ليس مجرد أرض، بل هو محل كل شيء يتعلق بحقوق الفرد من سكن وتملك وسكينة، وهو أساس أمن المجتمع. كما لفت إلى أن العلاقات العقارية في المجتمع تلعب دورا خاصا في الأمن الاجتماعي العام، والاستثمار، والاقتصاد، والتنمية، والعلاقات المالية والتجارية.

 

 




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...