عندما تحتفل بالعيد خادمة مغتصبة

 – فريد النقاد – 

 

احتفلت الخادمة لبنى أحميمن باليوم العالمي للمرأة الذي يصادف يوم 8 مارس من كل سنة، على شكل استدعاء من طرف الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة، من أجل حضور الجلسة الأولى، بعد خمس سنوات من المعاناة والانتظارية القاتلة كل يوم، في التفكير حول مصيرها ومصير الطفلة آية، التي تبلغ من العمر 5 سنوات، عمرها هو عمر ملف أمها، الذي وضع برفوف المكاتب التي مر منها، كونه مكث لسنوات.

ظل اليأس يسير على كل متتبع لهذا الملف الذي اعتبره البعض أقوى ملف عرفته المحاكم المغربية منذ الاستقلال إلى حدود الساعة، لقوة الجرائم التي ارتكبت في حق الخادمة لبنى أحميمن وطفلتها آية، هذه الأخيرة قد تكون في عداد المفقودين، لسببين رئيسيين، الأول عندما قامت الممرضة بضرب أمها لبنى بالمقص أثاء الولادة على مستوى المهبل، في غياب أدنى شروط السلامة الصحية، وما سيترتب عنها من أعراض قد تودي بحياة الطفلة والأم. والسبب الثاني، متمثل أساسا عندما قام الجناة ببيع الرضيعة لامرأة مقيمة بالديار الفرنسية، بناء على وثائق مزورة، بعد انتزاعها من أمها بالقوة، وكل هذا من أجل طمس معالم الجريمة، خاصة وأن لبنى، تعرضت للاغتصاب من طرف إمام مسجد، والاختطاف والاحتجاز ومحاولة الإجهاض بالعنف، والتزوير في وثائق عقد الزواج، للإشارة وفقط أن المتهمين قاموا بتزويجها من مستخدم تحت التهديد بالقتل، وبناء على وثائق مزورة.

منذ خمس سنوات والملف يروج بين محكمة الاستئناف بالقنيطرة ورجوعه إلى المحكمة الابتدائية بوزان، تحت طائلة عدم الاختصاص، هذه الأخيرة بدورها قررت عدم الاختصاص وتم إرجاعه إلى غرفة الجنايات بالقنيطرة، فقرروا في الملف ما قرروه، وأتم طريقه إلى محكمة النقض بداعي الطعن في قرارات قاضي التحقيق وغرفة المشورة.

كل هذه المراحل عرفت وقفات من طرف الهيئات والمنظمات الحقوقية أمام محكمة الاستئناف بالقنيطرة، بالإضافة إلى اعتصام الخادمة لبنى أمام نفس المحكمة المذكورة، إلى درجة التهديد بإحراق الذات، والسقوط على الأرض بسبب عدم قدرتها تحمل الشعارات التي رفعتها لجنة دعم الخادمة لبنى أثناء الوقفة.

 قضية لبنى تزامنت مع قضية شهيدة الفصل 475 من القانون الجنائي، حيث عرضت قضيتها في نفس البرنامج*بدون حرج* على قناة ميدي آن تيفي، وهنا كانت الفاجعة، إذ كادت أن تنتحر عندما شاهدت نفسها على شاشة التلفاز، فلولا يقظة العائلة لفعلت بنفسها ما فعلت أمينة الفيلالي، بالإضافة أن قضيتها بثت على قناة الجزيرة العالمية وكذلك قناة دبي، لكن دون جدوى، ناهيك عن الجرائد الوطنية الأكثر مبيعات في المغرب، والجرائد الإلكترونية.فقضية لبنى وصلت إلى وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، بشتى الطرق، لكن دون جدوى، كذلك إلى قبة البرلمان حيث تم استقبالها من طرف إحدى النائبات، وبالمناسبة قامت بشكاية في الموضوع، بعدما راسلته لبنى بنفسها، في أكثر من مناسبة، أكثر من هذا، طلبت لقاء وزير العدل والحريات، من أجل عرض معاناتها، ومشكلتها مع القضاء، لكن كانت الحصيلة صفر.

لكن قضية لبنى وأمينة تركت نقاشا حادا في أوساط الحركات النسائية سواء داخل البرلمان أو خارجه من خلال الوقفات الاحتجاجية وخاصة في الشارع العام، فقضيتهن أعطت أكلها من خلال تعديل الفصل 475 من القانون الجنائي الذي كان يسمح بتزويج المغتصبة من مغتصبيها، فلماذا تحرك المجتمع بعد الفاجعة،(إنتحار أمينة)، فهل من الضروري أن يأخذ ملف خمس سنوات من الوقت، أمام المحاكم بدون تحديد جلسة وحيدة، رغم أنه يتضمن تهما ثقيلة من قبيل الاغتصاب والاحتجاز والتحريض على الإجهاض والتزوير في محررات رسمية تتعلق بعقد الزواج…؟ هل من الضروري أن يتغاضى القضاء عن خبرة جينية تقر بنسب الأبوة للمتهم الإمام بين قوسين للطفلة آية بنسبة 100٪، دون أخذ المتعين من طرف لقضاء، ويكون الردع قاسيا حتى لا يتسنى لأحد أن يتطاول على بنات عباد الله، مع العلم أن الفقيه لازال متشبثا بالإنكار، وهذه قرينة قوية على واقعة الاغتصاب.

لبنى اليوم احتفلت باليوم العالمي للمرأة، بطريقة مغايرة، حيث ستتقابل في المحكمة مع من شردوها في حياتها، مع من لا إنسانية لديهم، مع من جعلوها تفقد صوابها في مرحلة ما، وكادت أن تضع حدا لحياتها، اليوم أقول لك يا لبنى، سأحتفل معك بيوم 12 مارس الذي يصادف أول جلسة في قضيتك، بعد طول انتظار، سنحتفل جميعا عندما يأخذ المجرمون نصيبهم من جراء التعذيب والتشرد، الذي عانيت منه خلال الخمس سنوات، يوم 12 مارس ستتذكره ابنتك آية الجميلة بمرارة عندما سيطلب منها وثائق الدراسة أو لأجل خدمات إدارية، لأنها اليوم بدون وثائق هوية، وهي اليوم تنتظر بدون علم حتى تجد مكانها بين أصدقائها في المدرسة، لأنها وصلت إلى سن التمدرس.




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...