مؤتمر دولي ببني ملال يناقش علاقة العربية الفصحى باللهجات وقضايا التعدد اللغوي

-عمر طويل-

انطلقت بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال اليوم الأربعاء 16 أبريل الجاري أشغال المؤتمر الدولي المنظم من طرف مختبر الدراسات الأدبية واللسانية والديدكتيكية، حول موضوع: “العربية الفصحى واللهجات المحلية: حدود الاتصال والانفصال”، بمشاركة نخبة من الباحثين والخبراء اللغويين من المغرب وخارجه، في إطار نقاش علمي رصين حول قضايا اللغة والتعدد اللغوي والتفاعل بين الفصحى واللهجات.

وقد شهدت الجلسة الافتتاحية، التي عرفت حضور مسؤولين جامعيين وأساتذة وطلبة، تقديم كلمات ترحيبية سلطت الضوء على أهمية هذا اللقاء الأكاديمي، الذي يسعى إلى مساءلة الإشكالات المعاصرة المتعلقة بواقع اللغة العربية في علاقتها باللهجات المحلية، وسبل استثمار هذا التنوع في بناء خطاب لغوي متوازن يجمع بين الأصالة والوظيفية.

وتوزعت أشغال المؤتمر على أربعة محاور رئيسية؛ المحور الأول تناول الجوانب اللغوية القديمة والجديدة في العلاقة بين الفصحى واللهجات، من خلال ثلاث جلسات علمية، ناقشت مفاهيم مثل النقاء اللغوي، تدريس النحو، الثنائية اللغوية، وتأثير البنية الثقافية على التنوع اللغوي، مستحضرة آراء لعلماء مثل ابن خلدون.

وخصص المحور الثاني للمقارنة بين الفصحى واللهجات من حيث البنية الصرفية والصوتية والدلالية، ويناقش الباحثون خلاله الظواهر التركيبية والمعجمية والتحولات التي تعرفها اللغة في الاستعمال اليومي، خصوصا في ظل التأثيرات المتزايدة للتقنيات الحديثة والاتصال الرقمي.

أما المحور الثالث فيعالج تمثلات العربية الفصحى واللهجات في مجالات التعليم والإعلام والأدب والفنون، وتوقف عند أدوار المدرسة والإعلام في إعادة تشكيل العلاقة مع اللغة، وواقع استعمال الفصحى واللهجات في المنصات الرقمية وشبكات التواصل.

وتطرق المحور الرابع والأخير إلى السياسة اللغوية وإشكالات التعدد والازدواجية، من خلال تسليط الضوء على حضور اللهجات في التراث، وتوجهات السياسة اللغوية بالمغرب، وإمكانات التقاطع بين العربية والأمازيغية في أفق تكاملي.

وسيختتم المؤتمر بجلسة عامة تستعرض خلالها أبرز التوصيات، والتي من شأنها التشديد على ضرورة اعتماد مقاربات منفتحة في التعامل مع التنوع اللغوي، وتثمين اللهجات كرافد من روافد الهوية الثقافية، دون المساس بوحدة اللغة العربية الفصحى ودورها المحوري في بناء الوعي الجمعي.

ويعد هذا المؤتمر محطة أكاديمية متميزة في مسار البحث اللساني بالمغرب، لما أثاره من قضايا دقيقة وإشكاليات تلامس العمق اللغوي والثقافي للمجتمع المغربي والعربي عموما.

يوسف أدراوا، منسق الندوة ونائب عميد الكلية المكلف بالشؤون البيداغوجية، كشف في تصريح مع ملفات تادلة 24 بأن “تنظيم هذه الندوة يأتي في سياق الإجابة عن تساؤلات ملحة حول ما إذا كانت اللهجات منفصلة عن الفصحى أم أنها امتداد لها، إذ تصب مداخلات المتدخلين في هذا المنحى من خلال مناقشة قضايا متصلة بالدلالة، والأصوات، والصرف، والتركيب، في أفق أن تكون اللغات الوطنية جسرا لتقريب المسافات بين الحدود اللسانية والجغرافية. لم تعد الحدود الجغرافية هي التي تحدد اللهجات، بل أصبحت وسائل التواصل الحديثة تنقل اللغة من منطقة إلى أخرى، ونحن نسعى من خلال هذه الندوة إلى الانفتاح على دراسة اللهجات المحلية وتحفيز الطلبة على البحث فيها والتعرف على قضاياها. ما نطمح إليه هو الاعتراف بغنى البنية اللسانية المحلية والإنصات إلى مختلف الآراء والتصورات.”

فاتيحة المتوكل، طالبة بسلك الدكتوراه وعضو اللجنة المنظمة، أكدت أن “هذه الندوة الدولية تندرج ضمن الأنشطة العلمية المستمرة التي يشرف عليها مختبر الدراسات الأدبية واللسانية والديداكتيكية، ونحن سعداء باستضافة باحثين من داخل المغرب وخارجه لمناقشة قضايا تتعلق بالعربية الفصحى وعلاقتها باللهجات المحلية، بما يسهم في تعميق النقاش الأكاديمي حول إشكاليات التعدد اللغوي.”




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...