-ملفات تادلة 24-
في ظل التحول الرقمي المتسارع الذي تعيشه الإدارة المغربية، جاء الهجوم السيبراني الأخير ليكشف هشاشة البنية التحتية الرقمية لعدد من المؤسسات العمومية، ويُسلط الضوء على ثغرات أمنية باتت تهدد المعطيات الحساسة للمواطنين والشركات على حد سواء.
فبعد اختراق سابق طال الموقع الرسمي للجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، استهدفت مجموعة هاكرز جزائرية تُطلق على نفسها اسم “Jabaroot” هذه المرة مواقع كل من وزارة الإدماج الاقتصادي، والمقاولة الصغرى، والتشغيل، والكفاءات، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، في عملية وُصفت بأنها ثاني أخطر هجوم سيبراني تتعرض له الإدارة المغربية خلال أقل من سنة.
الاختراق لم يقتصر على تشويه الواجهات الرقمية، بل تطور إلى تسريب بيانات توصف بالحساسة، شملت معلومات شخصية ومالية لعدد كبير من الأجراء المغاربة، إضافة إلى معطيات تخص مقاولات منها مقاولات إعلامية.
وقد تم نشر هذه البيانات على الإنترنت في شكل ملفات PDF وCSV، متضمنة تفاصيل الأجور، الحسابات البنكية، والبيانات الإدارية لعدد من الشركات ومديريها، ما أثار صدمة قوية في صفوف المتتبعين.
وزارة التشغيل سارعت إلى طمأنة الرأي العام، مشيرة إلى أن “البيانات المسربة غير سرية ومتاحة سلفاً للعموم”، غير أن هذا التبرير قوبل بتشكيك واسع من طرف خبراء الأمن الرقمي، الذين أكدوا أن طبيعة وحجم المعطيات المسربة لا يمكن اعتبارها عمومية بأي حال من الأحوال.
الهاكرز الجزائريون أعلنوا بشكل صريح أن الهجوم جاء كرد فعل على ما وصفوه بـ”التحرشات المغربية الرقمية” بمؤسسات جزائرية، ما يُضفي على الحادث طابعاً سياسياً ويكشف دخول الفضاء السيبراني كجبهة جديدة في التوترات الإقليمية.
هذا المعطى يرفع من درجة الخطورة، إذ لم يعد الأمر مجرد اختراق أمني، بل أصبح جزءاً من حرب إلكترونية لها امتدادات استراتيجية.
هذا الحدث يُعيد إلى الواجهة الحاجة الملحة إلى مراجعة شاملة للسياسات الأمنية الرقمية بالمغرب، بدءاً من تحديث البنى التحتية، مروراً بتكوين فرق متخصصة في الأمن السيبراني، ووصولاً إلى وضع آليات فعالة لرصد الهجمات قبل وقوعها.



