حميد مجدي يفكك قانون الإضراب وخلفياته(حوار)

– أجرى الحوار:محمد لغريب

-كما تعلمون أن الحق في الإضراب تم التنصيص عليه منذ إقرار أول دستور للملكة في 1962، وكرسته كل الدساتير اللاحقة التي أكدت على أن حق الإضراب مضمون بما فيها دستور 2011 الذي شدد على ضرورة سن قانـون تنظيمـي يحدد شـروط وكيفيـات ممارسـته. لماذا في نظركم كنقابين مناهضين لهذا المشروع تم إخراج هذا القانون في هذه الظرفية بالذات بعد أن ظل في الانتظار لعقود دون أن يكتب له الخروج إلى العلن أو حتى المناقشة أمام المؤسسة التشريعية؟

سؤالك في الحقيقة وجيه، لأنه بالفعل انتظرت الدولة عشرات السنين قصد إصدار القانون التنظيمي لممارسة حق الإضراب، وأعتقد أن السبب الرئيسي يعود إلى ثلاثة أشياء هامة ومترابطة فيما بينها:

أولا، موازين القوى الآن ليست لصالح الطبقة العاملة، والمركزيات النقابية التي من المفروض أن تدافع عنها، ضعيفة للغاية وأكثر مما مضى.

ثانيا، الدولة المغربية مررت بدون مقاومة، قوانين الواحدة تلو الأخرى، خلال العشر سنوات الأخيرة، لا تقل خطورة وإجحافا من قانون الإضراب، من بينها على سبيل المثال لا الحصر، الرفع من سن التقاعد إلى 63 سنة ورفع الاقتطاع من أجور الموظفين وتخفيض قيمة المعاشات، وترسيم العمل المؤقت في القطاع العام، والعمل بالعقدة في الوظيفة العمومية، وتسقيف سن التوظيف في 30 سنة، وتحرير أسعار المواد الأساسية، وتحرير سوق المحروقات، وإقرار ضرائب غير منصفة تماما والتي تثقل كاهل المأجورين والفئات الفقيرة والمتوسطة من الشعب، وخوصصة الجامعات والمدرسة العمومية، والصحة العمومية، والكهرباء، والماء.. إلخ. وتم ذلك دون رد فعل احتجاجي قوي ومتناسب مع خطورة هذه القوانين، وبالتالي من الطبيعي أن يشجع ضعف المقاومة أو انعدامها، نظام الحكم، على مواصلة اكتساحه لمجال الحقوق الشغلية والحريات والمكاسب، التي ناضل لأجلها العديد من الأجراء والمغاربة وضحوا بالغالي والنفيس سنوات طويلة.

ثالثا: ولأن الظروف مناسبة لها أكثر من أي وقت، قررت الدولة إغلاق مجال الاحتجاج الذي تكاثر في الآونة الأخيرة، بسبب الأوضاع الصعبة التي يعيشها المغاربة، على المستوى الاجتماعي والسياسي وعلى مستوى الحريات العامة..

-أكدت منظمـة العمـل الدوليـة، علـى اعتبـار الحق في ممارســة الإضــراب حقــا أساســيا ومظهــرا مــن مظاهــر الحريــة النقابيـة التـي تكفلهـا اتفاقيـة العمـل الدوليـة رقـم 98 بشـأن تطبيـق مبـادئ الحـق في التنظيـم والمفاوضـة الجماعيـة، ألا تعتبرون من موقعكم أن عدم مصادقة المغرب على الاتفاقية رقم 87 هو محاولة للتملص من الالتزامات الدولية في هذا الباب، وأن من شأن ذلك الالتفاف على حقوق العاملات والعمال خاصة بعد المعارضة القوية التي أبدتها العديد من التنظيمات النقابية للمشروع؟

بكل تأكيد، فإن حماية مكتسبات وحقوق العمال تقتضي من بين ما تقتضيه طبعا، مصادقة المغرب على كافة المواثيق والاتفاقيات الدولية المرتبطة بالشغيلة.. وللإشارة فقط، فإن الدولة لم تصدق إلا على 65 اتفاقية دولية للشغل من ضمن 911. والحكومة رغم اتفاقها مع المركزيات النقابية سنة 2011، لم تلتزم ولحد الآن بالتصديق على الاتفاقية رقم 87 حول الحرية النقابية.

وحتى وإن كان المغرب قد صادق على الاتفاقية الدولية رقم 98 حول حق التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية، وصادق على الاتفاقية رقم 151 الخاصة بحماية حق التنظيم النقابي، والاتفاقية 135 حول حماية ممثلي الأجراء، فإنه لم يتقيد بتنزيل مقتضياتها، وسبق لمنظمة العمل الدولية أن علقت على عدم التزام المغرب بالتطبيق السليم لها.

التصديق على الاتفاقيات الدولية وحده لا يكفي.. لكن أيضا وأساسا، يجب إدماج مقتضيات الاتفاقيات في التشريع المغربي، ويجب التطبيق الفعلي لها في الواقع. وهو ما ليس قائما بكل أسف. فمقتضيات الدستور المغربي، والتشريعات الوطنية المرتبطة بالشغل، لا تتلاءم في مجملها مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والاتفاقيات والتوصيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية..

يجب في هذا الصدد، أن ننتبه إلى أن الدستور المغربي 2011، لا يجب أن يعتمد كقاعدة يعتد بها في صياغة القانون التنظيمي للإضراب، لأنه هو نفسه وكما المشروع التنظيمي، يحرم صراحة فئة عريضة من الفئات الشغلية، من الانخراط في العمل النقابي.

فقد كانت جميع الدساتير السابقة تتحدث على الأقل على المنظمات النقابية، هكذا، في حين يتحدث الفصل الثامن من دستور 2011 عن “المنظمات النقابية للأجراء”، ليبقي الأمر محصورا في الفئات التي تكون تحت تبعية مشغل واحد أو عدة مشغلين، لقاء أجر. وبالتالي تم حرمان العديد من الفئات الاجتماعية من حق تأسيس النقابة، مثل الطلبة والتلاميذ ومهنيي الطاكسيات والشاحنات والفلاحين والتجار الصغار والباعة المتجولين وصيادي السمك عبر الزوارق والمتقاعدين والمعطلين.. الخ، الذين ليسوا أجراء عند أحد.
كما منع دستور 2011 في الفصل 111 صراحة ودون مسوغ، القضاة من الانخراط وتأسيس منظمات نقابية، وهو ما لم يكن واردا حتى في الدساتير السابقة.

أيضا الدستور المغربي الجديد، حصر دور النقابة في الدفاع فقط عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للفئات التي تمثلها، وتم إلغاء دورها “التأطيري” في تنظيم المواطنين وتمثيلهم إلى جانب الأحزاب السياسية والجماعات المحلية والغرف المهنية كما كان في الفصل 3 من دستور 1996. ليكون بذلك قد فصل النضال الاجتماعي الذي يخوضه العمال عن النضال السياسي، قبل مشروع الإضراب الحالي المعروض على البرلمان.

هذا التقييد الذي جاء به الدستور الجديد، لا يتماشى مع أي من المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب. لذلك لا يجب أن يعتد به بالنسبة لنا كمرجع حقوقي أو سياسي، كما تفعل بعض الإطارات خطأ.

أيضا من بين التشريعات التي تنتهك الحقوق الشغلية المتعارف عليها دوليا، ومن ضمنها الحق في الإضراب، الفصل 288 من القانون الجنائي، الذي يعاقب بغرامة قد تصل إلى 5000 درهم وبعقوبة سجنية قد تصل إلى سنتين نافذة، وإمكانية المنع من الإقامة لمدة قد تصل إلى 5 سنوات، وقد تسبب هذا القانون في اعتقال الآلاف من العمال. والفصل 5 من مرسوم 5 فبراير 1958 بشأن مباشرة الموظفين للحق النقابي. والنظام الأساسي الخاص بمتصرفي وزارة الداخلية الذي يحرم أطر وزرة الداخلية من تأليف نقابة أو الالتحاق بها. والنظام الأساسي الخاص بهيئة موظفي إدارة السجون وإعادة الإدماج، الذي يمنع موظفي إدارة السجون من أن يؤسسوا أو ينخرطوا في منظمة نقابية.. وغيره من النصوص العديدة التي تتعارض مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية.

-تتهم بعض التنظيمات النقابية ومنها مكونات الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد، الحكومة بخرق الالتزامات المتضمنة في الميثاق الاجتماعي الموقع بين رئيس الحكومة والمركزيات النقابية، وبتهريب مسودة مشروع القانون وإحالتها على البرلمان دون استكمال الحوار فيه، ألا تتحمل الحركة النقابية، بما تعانيه اليوم من ضعف في التنظيم والتأطير، كذلك نتائج إقرار قانون يهم مصير ملايين العمال والعاملات بالمغرب ويرهنه بيد الباطرونا؟

بكل تأكيد تتحمل المركزيات النقابية مسؤولية كبيرة، بسبب ضعفها النضالي وعدم وضوحها وسوء تدبيرها للحوار الاجتماعي المغشوش مع الحكومة. فلم يحدث في نظري الشخصي، في تاريخ المغرب أن وقعت النقابات مع الحكومة وأرباب العمل، على اتفاقيات وقرارات غير متوازنة ولا متناسبة مع مصالح الطبقة العاملة مثل ما فعلت في السنوات الأخيرة. لتكون بذلك قد أضفت الشرعية على القرارات المجحفة الصادرة عن الحكومة.

فما نعيشه حاليا من تغول للحكومة فيما يتعلق بتمرير قانون الإضراب والتقاعد وتعديل مدونة الشغل وغيرها، يعود في أساسه إلى اتفاق 30 أبريل 2022 و29 أبريل 2024، الموقع بين الحكومة وأرباب العمل والمركزيات النقابية، والذي يلخص مضامينه وأهدافه ويعبر عن روحه في ما أورده الباب السادس من اتفاق 30 أبريل 2022، تحت عنوان عريض: “استكمال الترسانة القانونية لتشريعات العمل وملاءمتها مع تحولات سوق الشغل الوطنية والدولية”. مما يعني الإجهاز على الضمانات القانونية للعمال والموظفين على قلتها، والتي تكفل استقرار العمل وحرية ممارسة العمل النقابي.

وقد تجاهلت عن عمد المركزيات النقابية نفسها في هذا الاتفاق، وتنكرت للاتفاقيات السابقة، التي وقعت عليها الحكومات المتعاقبة من قبيل التنصيص، مثلا، على المصادقة على اتفاقية الشغل الدولية رقم 87 المتعلقة بالحرية النقابية، وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي المنافي لحق الإضراب.. الخ!!

وبناء على هذا الاتفاق المغشوش بين المركزيات النقابية والباطرونا والحكومة، فقد برمجت الدولة فعلا تمرير العديد من القرارات الخطيرة، من بين أهمها:

إخراج القانون التنظيمي المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، الذي سيجعل ممارسة حق الإضراب شبه مستحيلة.

الإجهاز على ما تبقى من مكاسب الشغيلة في مجال التقاعد، وتحميل الأجراء والمتقاعدين تبعات نهب وتخريب صناديق التقاعد: يعني، الزيادة في الاقتطاعات من الأجور ومدة عمل أطول ونقص في المعاش.

مراجعة مقتضيات مدونة الشغل. ومن بين المواد المستهدفة في المشروع طبعا، المادة 16 التي تقيد العمل بالعقدة المحدودة المدة، والمادة 62 وما بعدها التي توفر للأجير بعض الضمانات القانونية ضد الطرد التعسفي، والمواد 66 إلى 71 التي تقيد التسريح الجماعي للعمال وإغلاق المقاولات، والمادة 496 التي تحدد الحالات التي يسمح فيها بتشغيل عمال من طرف “مقاولات التشغيل المؤقت” للقيام بـ “أشغال غير دائمة”، والمادة 414 التي تلزم السلطة بتسليم وصل الإيداع فورا للنقابات عند تأسيسها أو تجديد مكاتبها النقابية…

إذا فالضوء الأخضر جاء من النقابات، سواء بإرادتها، أم تم بالتدليس عليها!!

– من المستفيد من القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب الذي طالبتم في الكثير من المناسبات بسحبه واتهمتم حكومة عزيز أخنوش بخدمة مصالح الباطرونا، رغم التطمينات التي صدرت على لسان يونس السكوري وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات التي أكدت على حماية الحق في العمل من خلال احترام حق العمال غير المضربين وتعزيز حقوق المضربين، وأن كل التعديلات التي جاءت بها الفرق البرلمانية وكافة الفرقاء تم الأخذ بها؟

المؤكد بالنسبة إلينا أن الفرق البرلمانية لا تمثل لا الأجراء ولا إرادة الشعب المغربي. وليست لديها عندنا أي مصداقية حتى تؤخذ مقترحاتها وتعديلاتها بعين الاعتبار!

ونحن في الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد، لا نطالب بتعديل المشروع، ولكن بسحبه كليا من البرلمان، إلى أن يتم التوافق بشأنه. فكل مواده مترابط بعضها ببعض، وملغومة، وتلغي حق المغاربة في ممارسة حق الإضراب، كما هو متعارف عليه في المواثيق والتشريعات الدولية.

والمستفيد الوحيد من هذا القانون، طبعا هم أرباب العمل وأصحاب الرأسمال والحكومة.. فالحكومة المغربية حافظت على جوهر المقترحات التي قدمتها لها نقابة الباطرونا CGEM. والجميع يعرف أن أرباب العمل هم الذين يأخذون بزمام الحكم في المغرب، وبالتالي فهم يمررون القوانين التي تلائم مصالحهم.

– سجلتم كمناضلين بـ “شبكة تقاطع للدفاع عن الحقوق الشغلية” أن مشروع القانون المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب يشكل تراجعا خطيرا عن المكتسبات التي حققتها الطبقة العاملة المغربية بعد نضال مرير وطويل، وأن من شأنه تكبيل وتجريم الحق في الإضراب. أين تتجلى هذه التراجعات التي جاءت في المشروع؟

هذا القانون جاء حصرا لوضع حد لممارسة حق الإضراب وليس ضمان ممارسته كما يتم الادعاء. كل مواده ملغومة، وأشير فقط إلى بعض المعيقات والملاحظات:

-لم يشر هذا القانون إلى إلغاء القوانين الزجرية التي تحد أو تضيق من ممارسة حق الإضراب، كما هو الأمر بالنسبة للفصل 288 من القانون الجنائي.

-هذا القانون يحصر الإضراب في القضايا المهنية المرتبطة بالمؤسسة التي يشتغل فيها الأجراء.. بمعنى أنه يمنع الإضراب السياسي أو التضامني. (المادة 2)

-هذا القانون يمنع الإضراب غير المحدود مهما كانت أسبابه. (المادة 2)

-الإضراب حتى ولو كان شرعيا وله ما يبرره، هو توقف مؤقت عن العمل لا يؤدى عنه أجر. (المادة 6)

-لا يحق لغير النقابات التمثيلية، الدعوة لإضراب وطني أو إضراب في مرفق عمومي في القطاع العام أو الخاص. بمعنى حرمان التنسيقيات والجمعيات والجبهات وغيرها من ممارسة حق الإضراب. (المادة 10)

-استحالة الدعوة للإضراب من قبل العمال أو المهنيين أو الموظفين غير المنقبين الذي يبلغ عددهم في المغرب 97٪ تقريبا، وحرمان أقلية من المأجورين من الدعوة للإضراب: تحديد لجنة الإضراب، وتحرير محضر يوقعه 35٪ من الأجراء توافق على قرار الدعوة للإضراب، ثم عقد جمع عام بحضور ما لا يقل عن 50٪ من أجراء المقاولة لتتخذ القرار. (المادة 11)

-يجوز بحكم المادة 13، للمرفق العمومي أو رب المقاولة أو السلطة المعنية، إحلال عمال غرباء محل المضربين، وضمان استمرار نشاط المقاولة أو المهنة آو المرفق العمومي، في حال تأثير الإضراب على تزويد السوق بالمواد والأنشطة الضرورية، ولأجل توفير الحد الأدنى من الخدمة، ولأجل المحافظة على ممتلكات المرفق أو المقاولة وعدم إتلافها (المادة 13)

-لا يجوز ممارسة الإضراب إلا بإذن من قاضي المستعجلات، إذا لم يوافق رب العمل أو المرفق على تدابير حماية التجهيزات والمؤسسة المعنية بالإضراب (المادة 16)
-يمكن لقاضي المستعجلات وقف الإضراب بناء على طلب رب العمل الذي يدعى عرقلة حرية العمل (المادة 18)
يمكن لرئيس الحكومة وقف الإضراب إذا ارتأى أن هناك مساس بالنظام العام أو حقوق المواطنين: “كل ما من شأنه”. (المادة 19)

-يحق للسلطات العمومية اتخاذ التدابير اللازمة لتأمين استمرارية تقديم الخدمات وتزويد السوق بالمواد التي تراها ضرورية (المادة 20)

-توفير الحد الأدنى من الخذمة في عدد من المرافق يفقد الإضراب جدواه، مثل: المحاكم، المالية، المواصلات والنقل، توزيع الماء والكهرباء والمواد الطاقية، مرافق جمع النفايات بجميع أصنافها والتطهير السائل والصلب.. الخ (المادة 21)
-القانون يقصي من ممارسة حق الإضراب: موظفو وزارة الداخلية والخارجية وأفراد وأعوان السلطة والموظفين الديبلوماسيون، وموظفو الجمارك والسجون والقضاة والشرطة.. الخ. (المادة 22)

-القانون حافظ على عقوبات مجحفة جدا وغير متناسبة وغير معقولة، ولم يلغ الفصل 288 من القانون الجنائي
لذلك فإن هذا القانون يشكل تهديدا صريحا للحريات النقابية، ويفقد النقابات أداتها الأساسية التي هي سلاح الإضراب، ويشل حركتها في الدفاع عن حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة، ويجب سحبه.

– يلاحظ المتتبعون أن مناهضة مشروع قانون بهذا الحجم يقتضي تكثيف التنسيق والوحدة وفتح جبهة عريضة مكونة من مختلف القطاعات النقابية، لكن الانقسام ظل سيد الموقف وتشكلت “السكرتارية الوطنية الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد” و “جبهة الدفاع عن الحق في ممارسة الإضراب” ألا يشجع هذا الوضع أو التشرذم النقابي إن صح القول، الحكومة وأغلبيتها في البرلمان على تمرير قانون الإضراب والقوانين المرتبطة بإصلاح أنظمة التقاعد في أجواء هادئة؟

صحيح تماما، غير أنه بخصوص الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد، وإزاء الوضع الاستثنائي الذي تعيشه الطبقة العاملة والهجوم الكاسح على مصالحها المباشرة، قامت بمبادرة من بعض التنظيمات بدعوة جميع الهيئات الديمقراطية والنقابات والفعاليات لاجتماع 5 ماي 2024 بالرباط، والذي تأسست على إثره “الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد”، وفتحت نقاشا عموميا بين مختلف التنظيمات الديمقراطية والنقابات، وبسطت يدها لكل المبادرات والهيئات الرافضة لقانوني الإضراب والتقاعد، ولكل الطاقات المناضلة في كل النقابات والجمعيات المهنية، للنضال الوحدوي الجبهوي، على أمل خلق ميزان قوى، يمكن الحركة النقابية المفاوضة، من الضغط لسحب هذه القوانين المشؤومة. وكنا نجدد في كل نداءاتنا وبياناتنا التي أصدرناها، دعوتنا لكل القوى الديمقراطية والحية المناضلة ببلادنا إلى الالتحاق أو العمل المشترك مع “الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد” لتعزيز التضامن والعمل الوحدوي النضالي، الكفيل وحده بالتصدي للهجوم الممنهج على الحريات العامة والحقوق والمكتسبات.

– أي أفق لمعركتكم سواء داخل السكرتارية الوطنية الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد أو داخل “شبكة تقاطع” من أجل مواجهة ما أسميتموه في بياناتكم بتغول حكومة الباطرونا وإمعانها في تمرير قوانين تصفوية؟
نعرف جيدا أن موازين القوى ليست لصالحنا ولا لصالح الطبقة العاملة ولا القوى الديمقراطية حاليا.. ولكن هذا لن يمنعنا من مواصلة الكفاح وتعبئة الطبقة العاملة ونقوم بما يتوجب علينا، آملين أن ننجح. علما أن أي عمل نضالي أو احتجاجي، مهما كان صغيرا فهو مؤثر، لذلك فهم يسعون لإلغاء ممارسة حق الإضراب الذي يزعجهم.. هم يخافون من الإضرابات والاحتجاجات بكل تأكيد.. وكلنا أمل في الانتصار.

– كيف تصف حالة اليسار اليوم، والذي ظل لسنوات يعارض إخراج قانون الإضراب وقوانين تمس مصالح العمال والعاملات؟

أعتقد أن اليسار كما التنظيمات النقابية ضعيف جدا.. والطبقة العاملة والشعب المغربي يؤدي حاليا ثمن ضعف اليسار وتراجعه.. لو كان اليسار قويا ويتوفر على طاقة نضالية وقاعدة شعبية، لما كنا في هذا الوضع، الذي نتمنى مع ذلك أن يتغير نحو الأفضل للطبقة العاملة والشعب المغربي الذي يعاني كثيرا.

كلمة أخيرة: شكرا لطاقم جريدة ملفات تادلة على استضافتي ومنحي هذه الفرصة للتعبير عن وجهة نظري ووجهة نظر شبكة تقاطع للدفاع عن الحقوق الشغلية، بصدد القانون التنظيمي لممارسة حق الإضراب رقم 15 – 97.

 

 




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...