الفصائل المسلحة تعلن “بدء تطويق” العاصمة دمشق والرئاسة تنفي مغادرة الأسد
– ملفات تادلة 24 –
اقتربت فصائل المعارضة المسلحة من دمشق السبت وأعلنت بدء “تطويق” العاصمة، بينما نفت السلطات الأنباء عن مغادرة الرئيس بشار الاسد دمشق مع فقدان قواته السيطرة على محافظتي درعا والقنيطرة بجنوب البلاد.
وكانت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) وفصائل متحالفة معها بدأت في 27 نونبر هجوما على القوات الحكومية انطلاقا من محافظة إدلب في شمال غرب البلاد، وتمكنت من السيطرة على مناطق واسعة أبرزها حلب (شمال) ثاني كبرى مدن البلاد، وواصلت التقدم لتسيطر على حماة (وسط)، وتقترب من مدينة حمص (وسط).
ويعد هذا الهجوم غير مسبوق باتساع نطاقه منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة للرئيس بشار الاسد في العام 2011، قمعتها السلطات بعنف، قبل أن تتحول الى نزاع دام أسفر عن مقتل مئات الآلاف وتهجير الملايين وتسبب بدمار واسع.
ونفت الرئاسة السورية التقارير عن مغادرة الأسد الذي يحكم البلاد منذ وفاة والده حافظ عام 2000، دمشق، مؤكدة أنه “يتابع عمله” من العاصمة.
وأخلت القوات الحكومية السورية السبت بلدات تبعد حوالى 10 كيلومترات عن العاصمة دمشق من الجهة الجنوبية الغربية، على ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، في إطار سلسلة انتاكسات منيت بها في الميدان.
وأفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن بـ”انسحاب لقوات النظام من بلدات بريف دمشق الجنوبي الغربي على بعد 10 كيلومترات من العاصمة دمشق والسيطرة عليها من قبل مقاتلين محليين”.
وأضاف أن “القوات الحكومية أخلت كذلك فرع سعسع للمخابرات العسكرية” في ريف دمشق على بعد حوالى 25 كلم عن العاصمة.
من جهتها، أكدت وزارة الدفاع السورية أن “لا صحة لأي نبأ وارد بشأن انسحاب لوحدات قواتنا المسلحة الموجودة في كامل مناطق ريف دمشق”.
وأتى ذلك في يوم خاطب قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني مقاتليه مؤكدا أن “دمشق تنتظركم”.
وفي بيان بعنوان “إلى إخواني الثوار الأحرار” نشرته قيادة الفصائل على تطبيق تلغرام، قال الجولاني الذي بدأ يستخدم اسمه الحقيقي أحمد الشرع بدلا من لقبه العسكري، “وإني أعزم عليكم ألا تهدروا رصاصة واحدة إلا في صدور أعدائكم، فدمشق تنتظركم”.
من جهته، أكد القيادي في الفصائل المسلحة حسن عبد الغني، البدء في “تنفيذ المرحلة الأخيرة من تطويق العاصمة دمشق”.
دبلوماسيا، عقدت إيران وروسيا وتركيا اجتماعا في الدوحة لبحث الوضع.
وشدد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الذي تعد بلاده من الداعمين للأسد، على أن “الحوار السياسي بين الحكومة السورية والمجموعات المعارضة المشروعة يجب أن يبدأ”.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنه “من غير المقبول السماح لجماعة إرهابية بالسيطرة على الأراضي في انتهاك للاتفاقيات القائمة، بدءا من قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 (الصادر في العام 2015) الذي أكد بقوة سيادة الجمهورية العربية السورية وسلامة أراضيها ووحدتها”.
وتشارك روسيا وتركيا وإيران ممثلة بوزراء خارجيتها في صيغة أستانا التي اعتمدت لإسكات صوت الأسلحة في سوريا، من دون أن تكون منضوية في المعسكر نفسه على أرض المعركة.
وهبت موسكو وطهران لنجدة الرئيس السوري بشار الأسد وساعدتاه عسكريا للقضاء على المعارضة، فيما تنظر أنقرة التي لا تنخرط مباشرة في عمليات على الأرض، بعين الرضا إلى تقدم الفصائل المعارضة راهنا.
وتراجعت القوات الحكومية السورية بشكل كبير وغير متوقع خلال الأيام الماضية في الميدان. وخسرت الحكومة السبت سيطرتها على محافظة درعا بعد سيطرة مقاتلين من فصائل مسلحة على مدينة رئيسية، حسبما أفاد المرصد.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن “مقاتلين محليين سيطروا على مدينة الصنمين، غداة سيطرتهم على مدينة درعا، بعد انسحاب قوات النظام منها”.
كذلك أخلت القوات الحكومية السورية مواقعها في محافظة القنيطرة عند الحدود مع إسرائيل، وفق المرصد.
وقال مدير المرصد إن “قوات النظام أخلت مواقع ونقاطا عسكرية وأمنية، بينما غادر العاملون في المؤسسات الحكومية، لتصبح المحافظة الواقعة عند الحدود مع إسرائيل خالية لأول مرة من الجيش السوري”.
وفي وسط البلاد، قتل سبعة مدنيين جراء قصف وغارات سورية وروسية على بلدات في محيط مدينة حمص، حسبما أحصى المرصد.
وبعد تقدمها في ريف حمص الشمالي آتية من حماة، تحاول الفصائل المسلحة التقدم إلى مدينة حمص بعدما وصلت إلى أطرافها السبت، إلا أن شدة القصف والغارات التي تنفذها قوات النظام مع روسيا “أبطأت” تقدمها، وفق المرصد.
وتزامن ذلك مع تنفيذ قصف مدفعي وغارات شنتها القوات الحكومية مع روسيا على بلدات تقد مت إليها الفصائل في ريف حمص الشمالي، ما أسفر عن مقتل 21 مدنيا منذ الجمعة.
وقال الجيش السوري في بيان السبت إن قواته “بدأت باستعادة زمام الأمور في محافظتي حمص وحماة في مواجهة التنظيمات الإرهابية”.
ومن شأن سيطرة الفصائل على مدينة حمص، أن تقطع الطريق الذي يربط دمشق بالساحل السوري، معقل الأقلية العلوية التي تنتمي إليها عائلة الأسد.
وفيما تتحرك فصائل مسلحة محلية في الجنوب ضد القوات الحكومية، مستفيدة على الأرجح من ضعف القوات الحكومية، تقدمت قوات سوريا الديموقراطية وعمادها المقاتلون الأكراد، في محافظة دير الزور في الشرق.
وفي خضم التطورات المتسارعة والمفاجئة المتواصلة منذ أسبوع، أفاد مصدر مقر ب من حزب الله حليف دمشق، بأن الحزب أرسل ألفي مقاتل إلى منطقة القصير السورية في ريف حمص، والحدودية مع لبنان.
وأشار المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته إلى أن الحزب “لم يشارك في أي معركة بعد” ضد الفصائل المعارضة التي تحقق تقدما كبيرا على حساب النظام في شمال البلاد ووسطها. وأضاف أن الحزب أرسل كذلك “150 مستشارا عسكريا” إلى مدينة حمص لدعم الجيش السوري.
وبحسب المصدر نفسه، سحب حزب الله منذ حوالى سنتين العدد الأكبر من مقاتليه من سوريا مع تراجع حدة القتال لكنه أبقى على مستشارين عسكريين في مدينتي حلب وحماة، مضيفا أن “الثقل الأكبر للحزب هو في منطقة القصير” حيث يحتفظ بمقرات ومستودعات.
ومنذ العام 2013، أي بعد عامين من اندلاع النزاع، يقاتل حزب الله بشكل علني في سوريا دعما للقوات الحكومية. وكان في عداد مجموعات عدة موالية لطهران قاتلت الفصائل المعارضة، وتمكنت من ترجيح كفة الميدان لصالحها على جبهات عدة.
وبدأ هجوم الفصائل المسلحة في سوريا في يوم دخل اتفاق لوقف إطلاق النار حيز التنفيذ في لبنان بين إسرائيل وحزب الله، بعد نزاع استمر عاما وتكثف بشكل كبير منذ شتنبر.