-محمد لغريب-
مع كل موسم جني وطحن زيت الزيتون، تنتشر ظواهر الغش في هذه المادة، ويلجأ المحتالون والغشاشون من تجار هذه المادة التي تعد مكونا أساسيا فوق موائد المغاربة، إلى عدة طرق للاحتيال والغش لبيع الزيوت المغشوشة على أساس أنها زيوت حقيقية مستخرجة من مباشرة من الزيتون، مما يعرض صحة المستهلكين للخطر.
وتكاد تسجل عملية الغش في زيت الزيتون في كل المناطق بالمغرب، حيث توقف وتضبط المصالح الأمنية ولجان المراقبة عشرات التجار الذين يغشون في هذه المادة التي يقبل على استهلاكها المغاربة بشكل كبير، كما حصل السنة الماضي عندما أوقفت عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية شبكة متخصصة تورطت في إعداد 3 آلاف و700 لتر من “زيت الزيتون المغشوشة” قصد ترويجها بمدينة تازة ونواحيها وأيضا بجهة بني ملال خنيفرة.
ويتخوف المواطنون أمام الارتفاع الكبير في أسعار زيت الزيتون التي تسيل لعاب تجار هذه المادة، من لجوء هذه الفئة إلى الغش وبيع زيوت مغشوشة لهم بأثمان باهظة، مستغلين إقبال المغاربة على شراء هذه المادة الغذائية التي يستعملونها في إعداد وجباتهم بالنظر إلى خصائصها الغذائية والصحية.
وتتنوع طرق الغش بين استعمال عقاقير معينة تخلط بالماء وتمنح مادة زيتية شبيهة بالزيت من حيث اللون، كما يتم مزج زيوت الزيتون الجديدة بأخرى قديمة ذات جودة رديئة، وكذا يتم إضافة كميات من أوراق الزيتون أو بعض الأعشاب لإعطاء الزيت لونا أخضرا، أو إضافة مواد كيماوية محضورة أو إعادة سحق “الفيتور” بزيت المائدة وبيعها كمنتوج طبيعي مصدره المطحنة أو المعصرة.
وعن هذا الوضع، قال بوعزة الخراطي رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، في تصريح لملفات تادلة، إن زيت الزيتون بالمغرب تباع بدون تأشيرة المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية وهذا ما يشكل خطرا على صحة المواطن المغربي.
وأكد الخراطي في تصريح لملفات تادلة، أن المراقبة وتكثيف الحملات التي تستهدف محاربة الغش باتت ضرورية في ظل الفوضى التي يعيشها قطاع زيت الزيتون، مبرزا أن المغرب يبقى الاستثناء بين الدول المتوسطية التي يباع فيها زيت الزيتون بدون لاصقة ولا أي مراقبة.
يحدث هذا في الوقت الذي تنتشر فيه العديد من المطاحن العشوائية وغير المرخصة من طرف المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، وباقي المصالح الأخرى، مما يشجع على الفوضى وانتشار مظاهر الغش وإنتاج زيوت في ظروف غير لائقة يمكن أن تضر بالصحة.
وحول الإجراءات التي تقوم بها “أونسا” للحد من هذه الفوضى قالت “خديجة عريف” رئيسة قسم مراقبة المنتجات النباتية وذات الأصل النباتي، إن المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية يقوم بتكثيف عملياته لمراقبة جودة وتتبع زيت الزيتون ومشتقاته، لضمان وصول زيت زيتون متوفر فيها شروط الجودة اللازمة للمستهلك، وتتبع جميع مراحل إنتاج هذه المادة الغذائية، فضلا عن مراقبة درجة الالتزام بقواعد النظافة الجاري بها العمل، وباقي الشروط الأخرى التي تستجيب لكافة معايير دفتر التحملات في هذا المجال.
وأضافت المسؤولة بـ “أونسا” أن المكتب يقوم بمنح الترخيص الصحي للوحدات التي تعمل في مجال إنتاج الزيتون، وفق ما تنص عليه مقتضيات القانون 07/28، بعد المراقبة الشاملة لجميع مراحل التصنيع وعلى عدة مستويات، لا سيما فيما يخص الشروط المتعلقة بالممارسة الصحية والإنتاجية الجيدة، وكل ما يتعلق بالبنية التحتية والمعدات والتجهيزات داخل الوحدة، والمواد الأولية المستخدمة في الإنتاج، وطريقة تشغيل الوحدة واليد العاملة.
وأوضحت عريف، أن المراقبة تشمل عملية نظام المراقبة الذاتية، ونظام تتبع زيت الزيتون، حيث يقوم المفتشون بأخذ عينات من المنتج من أجل تحليلها في المختبر للتأكد من الجودة والسلامة الصحية لزيت الزيتون، وبأنها غير ممزوجة بزيوت نباتية أخرى، وأيضا للتأكد من مطابقة خصائص السلامة الصحية الأخرى مثل الحموضة الحرة، والخصائص الذوقية، والبيروكسيدات والملوثات وغيرها.
وأكدت عريف، أن الوحدات المرخصة لها من “أونسا” تخضع لمراقبة مستمرة سنويا، وذلك من أجل التأكد بأن جميع الشروط التي على إثرها حصلت على الترخيص الصحي ما زالت متوفرة، أما بالنسبة للمراقبة في نقاط البيع، فقالت، بأنها تكون في إطار لجان محلية مختلطة تحت إشراف الولاة والعمال، والتي يشارك فيها مفتشون من المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، وتتم خلالها أخذ عينات من أجل إجراء التحاليل المخبرية اللازمة للتحقق من خصائص الجودة والسلامة الصحية.
وتابعت رئيسة قسم مراقبة المنتجات النباتية وذات الأصل النباتي بـ “أونسا” أن مصالح المراقبة التابعة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية تقوم بمراقبة مستمرة لزيت الزيتون بهدف التأكد من جودتها وسلامتها الصحية، وذلك على الصعيد الوطني أو عند الاستيراد والتصدير.
وبالنسبة للزيوت المستوردة تقول عريف، إنها تخضع للمراقبة الصحية عند نقط العبور، حيث تقوم مصالح المكتب من التحقق من الوثائق المصاحبة للبضائع، ولا سيما الشهادات الصحية الصادرة عن السلطات المختصة في البلدان المصدرة، والتي تشكل ضمانا رسميا للسلامة الصحية للمنتج، وهوية السلع ومراقبتها العينية، والتي تتكون بشكل خاص من التحقق من مطابقة شروط وسائل النقل والتعبئة والتغليف والعنونة.