قراءة تحليلية في أهم مستجدات وتعديلات مشروع قانون المسطرة الجنائية

 – الأستاذ إدريس خضخاض* –

يعتبر قانون المسطرة الجنائية من أهم القوانين الإجرائية التي تتضمن الأمن القانوني والقضائي بالمغرب لتحقيق العدالة الجنائية، وفي البداية، لابد من توضيح أساسي بالنسبة للإصلاحات التشريعية، لابد لهذه الإصلاحات أن تبنى على أسس ومبادئ تعتبر من المرجعيات الأساسية لتحقيق أهداف التعديلات التشريعية، سواء المتعلقة بالعدالة أو غيرها من المجالات المرتبطة بالتشريع بصفة عامة.

فالإطار العام للتعديلات يجب أن يندرج ويتطابق مع كل الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب في مجال العدالة، واحترام حقوق الإنسان باعتبار أنه في حالة تعارضها مع القوانين الداخلية فإنها تكون واجبة التطبيق، باعتبارها تسمو على القوانين الوطنية، في حال التعارض فإن القضاء ملزم بتطبيقها بالأولوية على القوانين الداخلية، كما أن الدولة ملزمة بملائمة تشريعاتها الداخلية طبقا للمبادئ الحقوقية ذات الطبيعة الكونية والمتعارف عليها عالميا.

كما أنه لابد من مراعاة المسار الحقوقي والمبادئ من مؤسساتنا الوطنية، والتي تتضمن مجموعة من المبادئ التي يتعين مراعاتها عند القيام بأي إصلاح أو تعديل تشريعي، بالإضافة إلى الدستور المغربي وتطبيق كل مقتضياته، باعتباره أسمى وثيقة في البلاد لضمان المحاكمة العادلة وجعل القضاء في خدمة المواطن، وهذا ما تحرص عليه كل الخطابات الملكية التي تعطي دائما توجيهات لجعل مصلحة المواطن المتقاضي فوق كل اعتبار، في الاحترام التام مع التطبيق السليم للقانون.

هذا ما نلمسه في الخطابات الملكية التي تجعل المصلحة العليا للمواطنين عنصرا أساسيا من خلال تشريع القوانين من قبل السلطة التنفيذية والتشريعية، أو حول كيفية إصدار الأحكام من القضاء، حيث أكد خطاب افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الثامنة في أكتوبر 2010،

على ما يلي: “وعلى غرار مبادرتنا للمفهوم الجديد للسلطة والهادف إلى تحسين تدبير الشأن العام، فقد قررنا أن نؤسس لمفهوم جديد للسلطة لإصلاح العدالة ألا وهو القضاء في خدمة المواطن”.

كما أكد جلالته في عدة مناسبات من خلال إطلاق ورش إصلاح منظومة العدالة بالمغرب، وفق منظور شمولي مبني على منهجية تشاركية لكل هيئات المجتمع طبقا للدستور المغربي، حيث صادق مجلس الحكومة المنعقد بتاريخ 29 غشت 2024 على مشروع القانون رقم 03.23 المتمم والمغير لقانون المسطرة الجنائية رقم 22.01، الذي أعدته وزارة العدل قصد تنزيل إصلاح منظومة العدالة، خصوصا بعد مرور أكثر من 20 سنه في إطار تحديث المنظومة القانونية الوطنية، والذي يعتبر من أهم ركائز الإصلاح الشامل والعميق للعدالة ببلدنا.

ويمكننا أن نقف على ذلك في الخطاب الملكي ليوم 20 غشت 2009، الذي جاء فيه: “فمنذ تولينا أمانة قيادتك وضعنا في صلب انشغالاتنا إصلاح القضاء، بما يشكل قطيعة مع التراكمات السلبية للمقاربات الأحادية والجزئية”.

إضافة إلى خطاب العرش بتاريخ 31 يوليوز 2007 و2008، ثم خطاب العرش لسنة 2003، وخطاب 20 غشت 2005 وهو ما شكل خارطة طريق حول الإصلاح الشامل والعميق للعدالة ببلدنا. ثم الخطاب الملكي يوم 20 غشت 2009، والخطاب الملكي ليوم 8 أكتوبر 2010 بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية، والخطاب الملكي ليوم 9 مارس 2011 بمناسبة الإعلان عن الإصلاحات الدستورية، والخطاب الملكي ليوم 8 ماي 2012 بمناسبة تنصيب الهيئة العليا للحوار الوطني حول الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة، من خلال الميثاق الذي يتضمن 6 أهداف استراتيجية كبرى ومهمة للعدالة ببلادنا وأهمها:

1-  توطيد استقلال السلطة القضائية.

2- تخليق منظومة العدالة في شموليتها.

3-  ضمان حماية القضاء للحقوق والحريات.

4-  تطوير فعالية ونجاعة القضاء وأدائه لأدواره.

5-  تقوية القدرات المؤسساتية لمنظومة العدالة.

6-  تحديث الإدارة القضائية وتقوية حكامتها.

 

ومما جاء في الخطاب: “نحن مصممون على أن يأخذ تسريع النهج الإصلاحي وتيرته القصوى، فقد دقت ساعة الحقيقة معلنة حلول وقت التعبئة الكاملة والقوية للقضاء، ولكل الفاعلين في مجال العدالة، للمضي قدما بإصلاح القضاء نحو انتهاء زمن العرقلة والتخاذل والتردد والانتظارية”.

 

وحيث انه لتحقيق الأمن القانوني والقضائي في المغرب كان لابد من تحديث الترسانة القانونية للرقي بمنظومة العدالة وضمان المحاكمة العادلة، وتحديث مجمل القوانين المتعلقة بالعدالة، في إطار وملاءمتها مع الدستور والاتفاقيات التي صادق عليها المغرب، وملائمتها مع التشريع الجنائي، وكذلك التحولات العميقة التي عرفها المغرب على جميع المستويات، والطموح نحو مستقبل أفضل كملائمة القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، وكذا تطور الظاهرة الإجرامية بكل أبعادها، مثلا المرتبطة بالتطور التكنولوجي.

من أهم أهداف مشروع المسطرة الجنائية:

  • تعزيز وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة.
  •  تعزيز المراقبة القضائية على عمل الشرطة القضائية، بتعديل معايير الوضع تحت الحراسة النظرية.
  •  ترشيد الاعتقال الاحتياطي.
  •  وضع آليات للوقاية من التعذيب.
  •  تعزيز حقوق الدفاع.
  •  وضع معايير للسياسة الجنائية.
  •  ضمان فعالية آليات العدالة الجنائية وتحديثها.
  •  تعديلات تهم قواعد الاختصاص.
  •  مراجعة المساطر الخاصة بالامتياز القضائي.
  •  تعزيز وتقوية آليات مكافحة الجريمة وحماية الضحايا.
  •  إحداث مقاربة جديدة لعدالة الأحداث وآليات التنفيذ الزجري.

 

أهم المستجدات التي جاء بها قانون المسطرة الجنائية 03 23 المتمم والمغير قانون 22.01:

 

يتضح انه بالاطلاع على مشروع قانون المسطرة الجنائية في أغلب المواد، فقد تم تعديل أكثر من 420 مادة، لتحقيق توازن بين وقاية المجتمع من الجريمة، وحماية أمنه واستقراره، وكذا حماية حقوق حريات الأشخاص. وهذا هو مربط الفرس، لأن خصوصيات قانون المسطرة الجنائية والتساؤل المطروح هو كيفية التوازن ما بين الوقاية من الجريمة مع الحفاظ على الحقوق والحريات دون المساس بها، مع احترام الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، والاحترام التام للدستور، فهل مشروع القانون احترم الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان والحريات؟

ونذكر أهم هذه المستجدات، لنقدم بعدها بعض الملاحظات حول مدى احترام موادها للدستور والاتفاقيات ذات الصلة:

  • الاعتماد على التسجيل السمعي البصري أثناء استجواب الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية، المشتبه في ارتكابهم جنايات أو جنحا مع الإحالة على نص تنظيمي لتحديد كيفية التسجيل.
  • التنصيص على حضور المحامي خلال الاستماع للمشتبه فيهم المحتفظ بهم أو الأشخاص الموضوعين رهن الحراسة النظرية إذا كانوا من ذوي الاحتياجات الخاصة أو العاهات المشار إليها في المادة 316 من هذا القانون كالأصم والأبكم.
  •  التأكيد على حق الاتصال بالمحامي منذ الساعة الأولى لإيقاف وإيداع المشتبه فيه ودون اشتراط الحصول على ترخيص من النيابة العامة.
  •  التنصيص على عدم جواز تمديد الحراسة النظرية إلا بمقتضى أمر كتابي معلل صادر عن النيابة العامة بالنسبة لكافة الجرائم.
  •  إلزام ضباط الشرطة القضائية بإخضاع الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية لفحص طبي، بعد إشعار النيابة العامة، إذا كانت أي علامات تشير لمرض أو آثار تستدعي ذلك، وتتم الإشارة لهذا الإجراء في المحضر، وبسجل مخصص الحراسة النظرية، مع إضافه التقرير الطبي المنجز إلى المحضر الذي أحيل على النيابة العامة.
  •  التنصيص على بطلان كل الإجراءات التي تتعلق بالشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية إذا تمت بعد انتهاء المدة القانونية للحراسة النظرية، أو بعد التمديد القانوني المرخص به، مع عدم شمول البطلان للإجراءات السابقة خلال الفترة القانونية للحراسة النظرية.
  •  تبسيط إجراءات الصلح في الجنح مع توسيع مجالاته ليشمل بعض الجنح التي يصل حدها الأقصى للعقوبة خمس سنوات، بعد أن كان الصلح محصورا في الجنح التي لا تتعدى عقوبتها سنتين.
  • التأكيد على تعزيز وتقوية ضمانات المحاكمة العادلة بحيث تم التنصيص إلى جانب مبدأي احترام قرينة البراءة وتفسير الشكل لفائدة المتهم، المنصوص عليهما في المادة 1 من قانون المسطرة الجنائية، لأن هذه المبادئ متعارف عليها دوليا في مجال المحاكمة العادلة خاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
  •  تضييق العمل على حالات اللجوء لتدابير الحراسة النظرية طبقا لمقتضيات المادة 66.1، حيث نصت على أن تدبير الحراسة النظرية يعد تدبيرا استثنائيا لا يمكن اللجوء إليه إلا إذا تعلق الأمر بجناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس وتبين أنه ضروري لواحد أو أكثر من الأسباب المنصوص عليها.
  •  إحداث آلية تواصل النيابة العامة، بتعيين أحد قضاتها كناطق رسمي باسمها، لإطلاع الرأي العام على القضية والإجراءات المتخذة فيها.

 

 ترشيد الاعتقال الاحتياطي

 

اعتبر المشروع أن الاعتقال الاحتياطي تدبير استثنائي مع وضع ضوابط قانونية بمعايير أكثر دقة مع تقليص مدده وتعليل قراراته. ومن بين المستجدات في هذا الإطار اعتبار الاعتقال الاحتياطي تدبيرا استثنائيا لا يلجأ إليه إلا إذا تعذر تطبيق بديل عنه، أو في الحالة التي يكون فيها مثول الشخص أمام المحكمة في حالة سراح من شأنه التأثير على حسن سير العدالة.

لكن الملاحظ أنه ليست هناك دقة في عبارة “من شأنه التأثير على حسن سير العدالة”، فهنا المشكل، اعتماد عبارة عامة وغير واضحة، بينما من مميزات القاعدة القانونية أن تكون واضحة ودقيقة وتحديد المعاني بدقة لكيلا يمكن تأويلها في عدة اتجاهات.

تقليص عدد تمديدات الاعتقال الاحتياطي في الجنايات من خمس مرات إلى مرتين ولنفس المدة باستثناء جرائم أمن الدولة أو الإرهاب التي يمكن فيها تمديد مدة الاعتقال الاحتياطي لخمس مرات ولنفس المدة، وفي الجنح من مرتين إلى مرة واحدة.

وبالنسبة للأحداث، اعتبر المشروع أنه لا يمكن تمديد مدة اعتقالهم احتياطيا في الجنح إلا في حدود مرة واحدة لمدة شهر وفي الجنايات في حدود مرتين لمدة شهرين.

 

 إحداث آليات للوقاية من التعذيب

 

  •  أهمها التنصيص على ضرورة الإلزام بإخضاع الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية لفحص طبي بعد إشعار النيابة العامة إذا لاحظ عليه علامات مرض وآثار تستدعي ذلك.
  •  التأكيد على وجوب قيام وكيل الملك أو أحد نوابه بزيارة أماكن الإيداع إذا أبلغ باعتقال تعسفي أو عمل تحكمي، وعدم الموافقة على التسليم إذا وجدت أسباب جدية بأن التسليم بقصد تعريض شخص للتعذيب.

 

 تعزيز آليات مكافحة الجريمة

 

تضمن المشروع تعزيز آليات مكافحة الجريمة من خلال اعتماد الخبرة متمثلة في الطب الشرعي والبصمة الجينية واعتماد تقنية البحث المدني الموازي لتحديد متحصلات الجريمة.

 

بالرجوع إلى المادة 3 من مشروع قانون المسطرة الجنائية، نجدها تنص على أنه لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في شأن الجرائم الماسة بالمال العام، إلا بطلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للإدارة الترابية، أو المفتشيات العامة للمالية للوزارات، أو من الإدارات المعنية، أو بناء على إحالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أو كل هيئة يمنحها القانون صراحه ذلك.

هاته المادة، نلاحظ انها جاءت خارقة للتوجيهات الملكية، التي أكدت في عدة خطب على أن محاربة الفساد مسؤولية الجميع (الدولة، وجمعيات المجتمع المدني، والمواطنين) كما أن مقتضيات هذه المادة تخرق الدستور بشكل صريح وتفرغ دور جمعيات المجتمع المدني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام ومحاربة الفساد بشكل عام من كل أدوارها الأساسية لمحاربة الفساد وحماية المال العام والتبليغ عن الجرائم عندما تكون لديها أدلة وإثباتات، بالرجوع إلى الدستور المغربي الذي ينص في الفصل 12 و 13 على مهام الجمعيات والمجتمع المدني والديمقراطية التشاركية والمهام الرقابية، وهذا يعتبر خرقا دستوريا لأدوار ومهام الجمعيات التي خلقت من أجلها فما هو دورها إذن؟

كما أن هذا فيه تأثير على أدوار المجتمع المدني والحقوقي للقيام بمهامه الرقابية التي أكدها دستور 2011، حيث اعتبر أن المجتمع المدني شريك أساسي في تقييم وصناعة السياسات العمومية. وكملاحظة بالنسبة للمادة 3 فإنها قيدت حتى من مهام واختصاصات النيابة العامة في جرائم الأموال، باعتبار أن المغرب يتوفر على أربع محاكم استئناف تختص بالجرائم المالية، ويختص الوكيل العام بهاته المحاكم التي تبت في كل الشكايات المتعلقة بجرائم الأموال العامة و الاختلاس وتبديد أموال عامة، باعتبار أن الوكيل العام لهذه المحاكم مختص، لكن في حالة تقديم شكاية يمكن أن يشعر رئيس النيابة العامة والذي بدوره يشعر المجلس الأعلى للحسابات، أو بدوره يحيط علما المفتشيات المختصة، وعليه أن ينتظر إحالة من طرف المؤسسات المذكورة أعلاه.

لكن هذا تقييد كبير لسلطات النيابة العامة لتحريك الدعوى العمومية حتى بدون شكاية متى بلغ إلى علمه وجود أفعال تشكل جريمة عن دورها وهو تطبيق القانون. السؤال المطروح: هل يستقيم أن النيابة العامة تنتظر إحالة من طرف هذه المؤسسات؟

لأن الهدف من الشكايات هو تنزيل وتفعيل وضمان ممارسة المجتمع لمهامه الرقابية في مجال حماية المال العام وتخليق الحياة العامة، وتعتبر الشكايات من الآليات المهمة لمكافحة الفساد والرشوة بشرط اعتماد أدلة واضحة.

بكل صراحه انا ضد اتهام أي شخص بدون أدله وإثبات، لكن هناك من يدافع على مقتضيات هذه المادة بمبرر أن بعض الجمعيات تقوم بابتزاز مسؤولين، بالفعل هناك بعض الجمعيات تقوم بهذا الأمر، لكن هذا المبرر غير واقعي، لسبب بسيط هو أن فعل الابتزاز يجرمه القانون الجنائي، وبالتالي يجب تفعيل وتطبيق القانون في حق كل من تبث أنه يبتز سواء كان مواطنا أو جمعية، الكل سواسية أمام القانون. وفي الأخير الاحتكام إلى الدستور الذي يعتبر أسمى وثيقة، ويجب على جميع التشريعات والقوانين أن تكون متطابقة تماما مع الدستور الذي أعطى أدوارا كبيرة للمجتمع المدني.

لذلك نؤكد على أن الدستور واضح كما ذكرنا آنفا في فصله 12 و13 وتحديدا مهام الجمعيات والمجتمع المدني، وتأكيده على الديمقراطية التشاركية، وكذا اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المصادق عليها والمنشورة في الجريدة الرسمية سنة 2008.

وكما هو معلوم فإن الدستور ينص على أن الاتفاقيات الدولية المصادق عليها تصبح واجبة التطبيق وأعلى مرتبة من القانون الوطني، كما نجد أن هناك تعارضا آخر مع القانون 37.10 الذي ينص على حماية المبلغين عن جرائم الفساد، وبالتالي فان المجتمع بكل أطيافه معني بالتبليغ عن الجرائم.

وهناك مادة في القانون الجنائي تعاقب على عدم التبليغ بجريمة يعلم بوقوعها، وهذا تناقض يجب تصحيحه وتجويد النص، والاحتفاظ بالمادة السابقة في صيغتها، وإضافة “أنه في حالة ابتزاز أي جمعية معاقبتها طبقا للقانون”.

وكذلك تراجع كبير في المادة 7 من مشروع المسطرة الجنائية حيث أعطت الحق في التنصيب كطرف مدني للمنفعة العامة والقانون الأساسي، وتمت إضافة شرط آخر تعجيزي واقصائي وهو الحصول على الإذن بالتقاضي من طرف وزير العدل، وسيصدر قانون تنظيمي بتحديد اختصاصاته،  لكن هذا الأمر لا يستقيم، بمعنى أن الجمعيات التي ليست لها صفة المنفعة العامة ليس من حقها الانتصاب كطرف مدني حتى ولو كانت لها المنفعة العامة والقانون الأساسي يتم مطالبتها بالإذن الصادر عن وزير العدل في انتظار صدور نص تنظيمي بتحديد شروطه واختصاصاته لكن يتم منح الإذن، وبالتالي الدوران في حلقة مفرغة بشرط تعجيزي.

إذا لا يمكن للمجتمع القيام بمهامه الرقابية وسيتم إهدار حقه في التتبع والرقابة على المال العام ومكافحة الفساد، والصراحة أن هذا الشرط غير مفهوم، لأننا نعلم أن النصوص التنظيمية قد تبقى مسودات بدون أن تخرج الى حيز الوجود، مثل قانون الإضراب مثلا الذي ينتظر منذ عقود لم يصدر القانون التنظيمي إلى غاية يومه.

خلاصة القول أن مشروع القانون 03.23 تضمن مجموعة من المستجدات المهمة في إطار الحقوق والحريات، لكن هناك عدة مواد غير واضحة في الصياغة ويجب تجويدها، وإعادة النظر في المادة 3 والمادة 7 المتعلقة بأدوار المجتمع المدني، وإشراك أصحاب الاختصاص من جمعيات وهيئات المحامين وكل الجمعيات الحقوقية بمبدأ التشاركية، وأخذ مقترحاتها بجدية طبقا للدستور لأن المجتمع بكامله معني بالأمر، الكل مسؤول المحيط المدرسة النقابات والإعلام ونشر الوعي والتحسيس والثقافة الجمعيات والأحزاب السياسية والمؤسسات والتربية على احترام القانون ومحاربة الفساد لنخلق جيلا محبا لمؤسساته ويحترم القانون، ويجب على القانون أن ينصفه في الحقوق والواجبات والتطبيق السليم في إطار المساواة بين جميع المواطنين.

 * محام بهيئة الرباط




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...