– سلوى عمار* –
تشهد المدن الساحلية في المغرب ارتفاعًا كبيرًا في أسعار كراء الشقق والفيلات المفروشة، مما يؤثر سلبًا على السياحة الداخلية، ويثير استياء العديد من المصطافين. تزامنًا مع ارتفاع درجة الحرارة والعطلة المدرسية، يواجه المواطنون عقبات متعددة تتعلق بغلاء الأسعار والعشوائية في تحديد الأثمنة.
وشهدت أسعار كراء الشقق في مناطق المضيق ومارتيل ارتفاعًا ملحوظًا هذا فصل الصيف، بنسبة تراوحت بين 20% و30%. وحاليًا، يصل سعر المبيت في شقة عائلية إلى 1500 درهم لليلة، مقارنة بـ 800 درهم سابقًا. وفي المناطق البعيدة عن الشاطئ أو مركز المدينة تتراوح بين 400 درهم إل 600 درهم في المناطق القريبة من البحر، ترتفع الأسعار بشكل أكبر، حيث يصل كراء الفيلات بمسبح إلى 3000 درهم لليلة الواحدة.
أسباب ارتفاع الأسعار وتحديات القطاع
يعلل ملاك الشقق السياحية في شمال المغرب الارتفاع بزيادة الضرائب المفروضة عليهم وضعف الإقبال، وأشار أحد الملاك إلى أن الشقق تظل فارغة معظم السنة، ويتم فتحها فقط خلال فترة الصيف القصيرة التي لا تتجاوز ثلاثة أشهر.
ويعاني الشريط الساحلي من نقص في المنتجعات السياحية الكبرى، مما يزيد من الضغط على الشقق والفنادق المتاحة. وتجد الأسر المغربية صعوبة في حجز غرف الفنادق، سواء عبر الإنترنت أو في عين المكان، مما يضطر البعض إلى المبيت في السيارات أو على الشاطئ.
ويبرر الملاك ارتفاع الأسعار بتجهيز الشقق السياحية بكافة المستلزمات المنزلية، من إنارة ونظافة ومعدات الترفيه والطبخ.
سماسرة كراء الشقق المفروشة بالمدن الساحلية وتأثيرهم على غلاء الأسعار
يعمد سماسرة العقارات إلى جذب الزبائن من خلال شبكاتهم الواسعة، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على الشقق المفروشة، وبالتالي ارتفاع الأسعار. كما يتحكمون في جزء كبير من الشقق المفروشة المتاحة، مما يمكنهم من التلاعب بالأسعار لصالحهم، بالإضافة إلى الرسوم والعمولات التي يفرضونها على الزبائن وأصحاب الشقق التي ترفع من تكلفة الإيجار.
كما أن الاعتماد الزائد على السماسرة يؤدي إلى تضخم غير مبرر في أسعار الإيجار، مما يؤثر سلباً على السوق العقاري.
أكد أحمد بيوض، الرئيس المؤسس لجمعية “مع المستهلكين” في تصريحات لمنابر إعلامية، أن التفاوت الكبير في أسعار كراء الشقق يعود إلى تحديد الأسعار بناءً على الطلب والعرض، دون مراعاة لجودة الخدمات أو الموقع الجغرافي. هذا التفاوت، حسب بيوض، يؤدي إلى استغلال المصطافين الذين يجدون أنفسهم مضطرين لدفع مبالغ باهظة مقابل خدمات قد تكون غير مرضية. وأوضح بيوض أن العديد من المستأجرين يعانون من غياب عقود رسمية تضمن حقوقهم، مما يزيد من مخاطر التعرض للغش أو سوء الخدمة.
ودعا عثمان بنطالب، النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، إلى فرض رقابة صارمة على قطاع كراء الشقق السياحية، وطالب بفرض ضريبة على كراء الشقق وملاحقة المتهربين من دفع الضرائب، مشيرًا إلى أن التطبيقات الخاصة بكراء الشقق تعرف إقبالًا كبيرًا، وأن أصحاب هذه الشقق يتهربون من أداء الضريبة على الدخل. وأكد بنطالب أن تنظيم هذا القطاع سيحقق العدالة الضريبية ويوسع الوعاء الضريبي، مما يزيد من مداخيل الدولة الجبائية.
وأدى غلاء أسعار الشقق وعشوائية الأثمنة إلى تراجع ثقة المصطافين في القطاع السياحي الداخلي. ويشير بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، إلى أن غياب تنظيم وتقنين قطاع كراء الشقق ساهم في بروز العشوائية واحتلال هذا القطاع من طرف السماسرة. وأوضح أن تقنين الكراء اليومي للشقق لا يخدم فقط الأمن العام والمستهلكين، بل يمكن الدولة أيضًا من تحقيق مداخيل هامة، داعيًا إلى مراعاة القدرة الشرائية للأسر المغربية والمغتربين.
*صحافية متدربة