– عبد المولى جداوي* –
تحذو صالح رغبة جامحة في زيارة مسقط رأسه، وهو ينتظر عطلة هذه السنة بشغف، لمعانقة عائلته وأهله، بعد أن قضى سنوات من الكد والعمل بالديار الأوروبية، وتحديدا بإيطاليا التي تحتضن جالية مغربية كبيرة أغلبها ينحدر من جهة بني ملال خنيفرة، لكن الارتفاع الملحوظ في تذاكر النقل الجوي هذه السنة، قلل من فرص العودة إلى المغرب بالنسبة للعديد من العمال المغاربة بالخارج، خاصة الذين يعيشون مع أسرهم بالمهجر.
يقول صالح، المنحدر من دار ولد زيدوح والقاطن بمنطقة كامبو سانتو بإيطاليا، في حديثه لملفات تادلة “الارتفاع غير المبرر في تكاليف السفر أصبح يشكل عبئا ماليا كبيرا على الأسر المغربية القاطنة بالخارج، ما دفع العديد منهم إلى إلغاء سفرهم إلى أرض الوطن، تحت وطأة هذا الارتفاع الكبير في أسعار تذاكر النقل الجوي”.
وإذا كانت السنوات الفارطة قد شهدت عودة كبيرة للجالية المغربية بالخارج، بسبب رفع القيود عن السفر من وإلى الخارج والتي فرضتها جائحة كورونا، فإن الكثير من المغاربة هذه السنة اشتكوا من الارتفاع الملحوظ في أسعار التذاكر، ارتفاعات تردد صداها قس منصات التواصل الاجتماعي.
صالح يرى أن “أسعار تذاكر الطيران ارتفعت بشكل غير متوقع بين سنتي 2021 و2024، موضحا أن تكلفة تذكرة واحدة سنة 2021 كانت تقدر بـ 200 يورو للشخص الواحد، ما يعادل 2000 درهم مغربي، وهو ما يعني أن أسرة مكونة من أربعة أفراد يلزمها صرف 800 أورو أي ما يعادل 8000 درهم مغربي”.
أما ياسين، المنحدر من مدينة سوق السبت، والعامل بإحدى مناطق شمال إيطاليا، فلم يترك له مرض والده فرصة البحث عن عروض بأسعار منخفضة من أجل العودة إلى المغرب لعيادته عائلته، فاضطر إلى اقتناء تذكرة وفق الأسعار التي تفوق أسعار السنة الماضية.
يقول ياسين “كان عليّ أداء 300 أورو، أي ما يزيد عن 3000 درهم مغربي، لاقتناء تذكرة العودة إلى المغرب”. وأضاف “لم نشهد هذه الأثمان منذ أن استقر بي المقام بإيطاليا”.
ثم يضيف ياسين “هناك العديد من الأصدقاء بإيطاليا لم يرغبوا في زيارة أهلهم هذه السنة بسبب تكاليف الرحلة، وهناك من ينتظر عرضا من إحدى شركات الطيران لعله يظفر بتذكرة سفر أقل ثمنا، ويوفر مصروفا لشراء بعض الهدايا لأفراد العائلة”.
وإذا كان أغلب من تحدثت إليهم ملفات تادلة يرجعون سبب غلاء التذاكر إلى الضغط على وكالات الأسفار ورغبة الجالية المغربية في الخارج في قضاء عطلة الصيف، فإن البعض يأمل أن تطلق شركات النقل الجوي والبحري، عروضا بأثمان مناسبة كتلك التي أطلقتها شركة “ريان إير” شهر يونيو الماضي، بين بني ملال وبعض المدن الأوروبية إيابا وذهابا، وعلى رأسها “بيرغامو” و”ميلانو” الإيطاليتين أو برشلونا الإسبانية.
أما محمد، المقيم في مدينة تيرويل الإسبانية، فقد أكد في حديثه مع ملفات تادلة، أن الجالية المغربية تعاني بشكل كبير من الارتفاع الشديد في أسعار تذاكر النقل البحري والجوي. ووصف هذا الارتفاع بأنه غير معقول هذا العام، حيث وصلت تكلفة تذاكر السفر البحري (الباطو) إلى حوالي 480 يورو، ما يعادل تقريبا 4800 درهم مغربي، لعائلة مكونة من أربعة أشخاص داخل سيارتهم.
وأشار محمد إلى أنه في العام الماضي كان يعتزم السفر إلى المغرب عبر الباخرة إلى طنجة، لكنه واجه ارتفاعًا في الأسعار، حيث بلغت التكلفة 600 يورو، أي ما يعادل 6000 درهم مغربي، مما دفعه للبحث عن وجهة أخرى بتكلفة أقل. وقرر التوجه إلى مدينة سبتة حيث اشترى تذكرة بقيمة 375 يورو، ما يعادل 3750 درهم مغربي. وأضاف أن الرحلة كانت شاقة، خاصة في ظل الصعوبات التي واجهها على الطريق وفي الجمارك.
وأوضح المتحدث أن الأسعار ترتفع بشكل ملحوظ مع اقتراب موسم الصيف، حيث يستغل مزودو الخدمة رغبة أفراد الجالية المغربية في السفر إلى وطنهم لقضاء العطلة الصيفية مع الأهل. وأكد أن هذا الارتفاع في الأسعار يشكل عقبة كبيرة بالنسبة له وللجالية المغربية المقيمة في إسبانيا، مما دفع العديد من أصدقائه إلى تأجيل أو إلغاء خطط السفر بسبب التكاليف الباهظة.
وختم محمد كلامه بمطالبة السلطات المعنية والجهات المختصة بإعادة النظر في هذه المسألة، والعمل على مراجعة الأسعار المرتفعة التي أثارت غضب الجالية المغربية الراغبة في زيارة وطنها، ولكنها تجد نفسها مضطرة لتأجيل أو إلغاء خطط السفر بسبب التكاليف المرتفعة.
*صحافي متدرب