جميلة تطروفين* – غزلان لمغالي*
أسماء لوزي (20 سنة)، لم تتمكن من الالتحاق بكلية الترجمة بطنجة، بسبب عدم موافقة أسرتها على أن تتابع دراستها في مدينة بعيدة عن مقر سكن العائلة، وعوضت ذلك بدراسة اللغة الإنجليزية، تقول أسماء في حديثها لملفات تادلة “حصلت على شهادة الباكالوريا سنة 2023 في شعبة الآداب بنقطة جيدة وعندما رغبت في الالتحاق بكلية الترجمة بطنجة لم توافق أسرتي بسبب بعد هذه المدينة عن مكان إقامتنا، وهذا ما جعلني اعدل عن فكرة كلية الترجمة وألتحق بشعبة الدراسات الإنجليزية ببني ملال لأنها الأقرب للتخصص الدي أميل إليه، والأقرب أيضا من مقر إقامتي.”
وعلى غرار أسماء، حفصة (21 سنة)، حصلت على شهادة الباكالوريا سنة 2021 لم تتمكن من تحقيق رغبتها في دراسة الصحافة، بسبب بعد المعهد العالي للصحافة عن سكن أسرتها، تقول حفصة “عندما كنت في السنة الخامسة ابتدائي كانت معلمتي تنعتني بالصحفية الصغيرة، لبراعتي في تقديم العروض وجمع المعلومات ولطالما أحببت هذا الوصف وعقدت العزم على تحقيق هذا الحلم، وما زاد من اصراري هو حبي للسفر والتقاط الصور”.
وتوضح حفصة سبب عدم تحقيق حلمها، تقول في حديث لملفات تادلة “كان السبب هو بعد المعهد عن مكان إقامتنا، وعدم استعدادي لخوض تجربة جديدة بعيدا عن أهلي لذلك قررت، دراسة علم النفس الذي كنت أميل إليه أيضا، لكن هذا التخصص لم يكن ضمن تخصصات جامعة بني ملال، فعدلت عنه هو الآخر والتحقت بشعبة الدراسات العربية”.
ومن حظ حفصة أن جامعة المولى سليمان افتتحت مسارا للصحافة والإعلام، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال، مسار سيمكنها بعد سنوات من معانقة حلمها، “تابعت دراستي في شعبة الدراسات العربية إلى أن حصلت على شهادة الدراسات الجامعية (DEUG) بعدها تم انتقائي للدراسة في مسار التميز الصحافة والإعلام ولهذا سرت أسير في طريق حلم طفولتي”.
وحسب شهادات عديدة حصلنا عليها، كشف عدد كبير من الطالبات أنهن اضطررن لاختيار شعب لم تكن ضمن اهتماماتهن، بسبب عدم توفر الشعب التي يرغبن فيها في المدينة أو المنطقة التي يتواجد بها منزل الأسرة، هذا ما شرحته خديجة (24 سنة) بالقول “لم أتمكن من الالتحاق بالمدرسة التي كنت أود الدراسة فيها، وهي المدرسة العليا للأساتدة في القنيطرة وذلك بسبب بعد هذه المدينة عن مقر إقامتي”.
وتضيف خديجة في حديثها لملفات تادلة “حصلت على شهادة الباكالوريا سنة 2018، وأردت الالتحاق بهذه المدرسة، لكني واجهت مشكلة عدم وجود هذه المدرسة بمسقط رأسي مراكش، وبسبب بعد المدن التي تتوفر على هذا التخصص عوضت ذلك بالتسجيل في شعبة اللغة العربية بجامعة القاضي عياض بمراكش، وأنا الآن حاصلة على شهادة الإجازة في اللغة العربية وطالبة في مسار التميز الصحافة والإعلام.”
على غرار خديجة تخلت هاجر، وهي شابة تبلغ من العمر 24 سنة، عن طموحها في دراسة القانون، وفي حديثها لملفات تادلة تقول هاجر «حصلت على شهادة الباكالوريا سنة 2018 في شعبة العلوم الإنسانية وكنت أرغب في دراسة القانون، ولكن حلمي تلاشى بسبب عدم تواجد شعبة القانون باللغة العربية في جامعة بني ملال، مما دفعني إلى الالتحاق بشعبة الدراسات العربية وأدرس ببني ملال لأنها هي الأقرب لمكان إقامتي وأنا الآن حاصلة على شهادة الإجازة في الدراسات العربية”.
وبدورها تخلت هند عن حلمها بدراسة الطب بسبب بعد جامعات الطب عن الجهة التي تنتمي إليها، وتقول في حديثها لملفات تادلة “بعد حصولي على شهادة الباكالوريا كنت جد سعيدة، لكن هده السعادة لم تدم طويلا بسبب عدم ولوجي لكلية الطب والصيدلة، وهو التخصص الذي لطالما أردت دراسته، وذلك لعدم توفره في المدينة التي أقطن بها”
بعد تخليها عن الرغبة في دراسة الطب، غيرت هند وجهتها “مساندة أسرتي كانت كافية بإعادة التفاؤل والرغبة في المثابرة، فيما بعد تمكنت من ولوج كلية العلوم والتقنيات ببني ملال وحصلت فيها على الإجازة، كما حصلت بعدها على إجازة مهنية في التسيير والتسويق، وحاليا أشتغل مندوبة طبية بمدينة بني ملال”، توضح الشابة.
الاصطدام بواقع عدم توفر التخصص المرغوب في المنطقة واجهته وصال، وهي شابة في العشرينات، وتقول في شهادتها “البكالوريا تشكل قفزة لأي طالبة أو طالب، بالنسبة لي كنت أرغب في دراسة القانون لكن الأمر كان مستحيلا بسبب عدم توفر شعبة القانون في جامعة مدينتي، لذلك اخترت مدرسة التمريض كحل بديل”.
وكشفت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، أن عدد الطالبات في الجامعات المغربية بلغ 558 ألفا و737 طالبة مسجلة، وهو ما يشكل نسبة 53 في المائة من مجموع الطلبة المسجلين في المغرب خلال الموسم الجامعي (2021–2022).
لكننا لم نجد أرقاما أو دراسات تتناول اضطرار الطلبة، وبشكل خاص الطالبات، إلى تغيير اختياراتهم الدراسية، والتسجيل في شعب وتخصصات فقط لتوفرها بالقرب من مقر السكن العائلي، أو توفرها في جامعة المنطقة التي ينتمين إليها.
وسبق لوزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، أن كشف في أحد اجتماعات لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس المستشارين، أن 49.4 في المائة من الطلبة يغادرون الجامعات دون الحصول على أي شهادة، أي أن ما يقارب النصف من الطلبة الذي يلجون الجامعات المغربية، يغادرونها دون الحصول على أي شهادة.
*طالبتان متدربتان