دنيا فرفاسي*/ حفصة بومزوغ*
تصعد مونة، الشابة الطموحة والبالغة من العمر 17 سنة، درج أحد مراكز اللغات ببني ملال، بخطى ثابتة وعيناها تلمعان بالعزيمة لإتقان اللغة الإنجليزية، بغية إتمام دراستها في الخارج، فبعد الحصول على شهادة البكالوريا في شعبة العلوم الفيزيائية، “اتجهت صوب مراكز التوجيه للاستفسار والحصول على المعلومات الضرورية”، تقول مونة التي ترى أن الحصول على دبلوم من الخارج سيفتح لها أبوابا وآفاقا كثيرة.
وتوضح الشابة سبب هذا الاختيار “إن إقبال تلاميذ البكالوريا على الدراسة في الخارج فرصة جديدة ومهمة، وغايتي من الدراسة هناك تعكس رغبتي في تحقيق حلمي، وتطوير مهاراتي في بيئة تعليمية مختلفة، فما بعد البكالوريا يعتبر مرحلة حاسمة في حياتي”.
وتضيف في حديثها إلينا أن “من بين الشروط التي ينبغي أن تتوفر في الطلبة للدراسة في الخارج نجاحهم في البكالوريا، وحصولهم على معدل 10 فما فوق، بالإضافة إلى إتقانهم لغة البلد الذي سيدرسون فيه واللغة الإنجليزية بالدرجة الأولى”.
بالنسبة لمونة “المدارس والجامعات المغربية في مستوى تطلعات الطلبة، لكنني أرغب في خوض تجربة جديدة أمتحن فيها مهاراتي، وقدراتي، كما أرغب في الحصول على دبلوم يخول لي العمل في الداخل والخارج”، تقول مونة وهي تشرح تفضيلها للجامعات الأجنبية.
وتواصل الشابة “أعتمد على مراكز التوجيه للتسجيل في المدارس والجامعات الأجنبية، لأنني أستصعب ذلك بمفردي، إضافة إلى أن الدراسة في الخارج تتطلب لغة جيدة، خصوصا لغة البلد الذي أنوي الدراسة فيه”. فاللغة تعتبر مفتاح النجاح في بيئة دراسية جديدة، ومن خلال تعلم لغة جديدة يمكن للطلبة توسيع آفاقهم وزيادة فرص الحصول على منح دراسية.
أيوب علوي، طالب ويوتوبر مغربي يدرس في الخارج، ولديه قناة على منصة يوتوب ذات محتوى إرشادي متعلق بالدراسة في الخارج، كشف في أحد فيديوهاته عن كيفية تحقق حلمه في الدراسة في الخارج.
يقول أيوب: “أثناء دراستي في البكالوريا، قررت تجربة حظي للدراسة في الخارج، وهو ما دفعني إلى القيام ببحث مكثف تعرفت من خلاله على موقع parcoursup، الذي يتيح للطلاب فرصة الدراسة في الخارج بشكل مجاني، وبعد حصولي على شهادة البكالوريا، وقعت في حيرة من أمري لاتخاذ قرار مصيري وحاسم بشأن مستقبلي”.
ويضيف مسترسلا: “العديد من الطلاب يواجهون نفس الحيرة والتردد في اختيار التخصص الدراسي المناسب.، فبعد الانتهاء من الامتحانات وتحقيق النجاح المنشود، يجد الطلاب أنفسهم أمام مجموعة كبيرة من التخصصات والمسارات التي يمكنهم اتباعها، مما يجعل عملية اتخاذ القرار أكثر صعوبة وتعقيدا”.
وفي ظل هذا الواقع، تحدث أيوب عن “ضعف التوجيه التعليمي في بلادنا”، و”عدم كفاءة الموجهين كونهم لا يقدمون إرشادات كافية للطلاب، ولا يتحدثون عن الدراسة في الخارج في توجيههم”، وقال بهذا الشأن “الموجه عندو ستين عام وباغي يوجه واحد عندو عشرين عام”.
على غرار مونة، تعتبر حسناء، الحاصلة على شهادة البكالوريا، أن هناك تخصصات وفرصا في الخارج لا تتوفر في المغرب، فضلا عن أن التسجيل في الجامعات والمدارس الأجنبية لا يتطلب اجتياز مباريات كما هو معمول به في المغرب.
فضلا عن ذلك، يختار الطلبة الدراسة في الجامعات الأجنبية لأنها تختصر المسارات وتمكن من دراسة التخصص منذ البداية، تقول حسناء بهذا الصدد: “إن اختياري لمسار معين في المغرب، يقتضي مني دراسة سنة أو سنين خارج المسار الذي أرغب به، حتى يتسنى لي دراسة ما أريده في السنة الثالثة، في حين أن الدراسة في الخارج تتيح لي فرصة دراسة ما أريده انطلاقا من الجذع المشترك”.
وتضيف حسناء، أن الدراسة في المغرب لا تحقق مستوى تطلعات الطلبة المغاربة، وهو ما يدفعهم إلى إكمال دراساتهم في الخارج، ” فالمغرب يحتل مراتب متأخرة عالميا، ويواجه ضعفا في التقنيات التعليمية مقارنة مع البلدان الأجنبية، كما أن مناهجه الدراسية سطحية وقديمة جدا لا تتناسب مع تطلعات الجيل الجديد والتقدم التكنولوجي الحاصل”، تقول الطالبة.
وبناء على ذلك، ترى حسناء أن الهدف من دراستها في الخارج هو الحصول على تكوين شامل يغطي جميع الجوانب، وفي حديثها لملفات تادلة تقول “الطلبة كانوا يتوجهون للدراسة في بلدان أجنبية كإسبانيا، وتركيا، وفرنسا، والصين، وروسيا وأوكرانيا إلا أنهم عزفوا عن هذه الأخيرة بعد الحرب الأوكرانية”.
وحسب المتحدثة لا يخلو الأمر من مشاكل، “من بين ما قد يعترض الطلبة أثناء إقامتهم صعوبة التأقلم مع الثقافات الجديدة، والتقاليد والعادات المختلفة”، فضلا عن أن الدراسة في الخارج “تعتبر تحديا كبيرا للطلاب”، تقول حسناء مع التشديد على أهمية قبول الآخرين والتكيف مع المحيط لتحقيق الغاية المنشودة.
إكرام هي الأخرى شابة مثابرة في الثامنة عشر من عمرها، من مدينة أفورار تطمح إلى دراسة الطب في الصين، تقول: “الصين واحدة من الوجهات الدراسية المفضلة للعديد من الطلاب في مختلف دول العالم، بما في ذلك المغاربة”.
وتوضح هذه الشابة أن “حصول الطلبة على دبلوم في المغرب، قد لا يكون كافيا لضمان فرص عمل جيدة، وبالتالي يلجؤون لأي وظيفة قد لا تتناسب مع مؤهلاتهم ومستوى تطلعاتهم”.
ولذلك فهي تؤكد على “وجوب امتلاك الطلاب القدرة على التأقلم مع بيئة جديدة وثقافة مختلفة، لأن الدراسة في الخارج ليست مجرد تحصيل علمي، بل هي تجربة حياتية تتطلب القدرة على التكيف والتغلب على الصعاب”.
وإلى جانب ذلك تسجل إكرام في حديثها لملفات تادلة الإكراهات التي يواجهها هؤلاء الطلبة، على رأسها الإكراهات المادية، حيث أنه “من الضروري أن يتوفر الطلاب على القدر الكافي من المال أو أن ينتموا إلى أسر ميسورة، لأن الدراسة في الخارج تتطلب تكاليف عالية”.
وبهذا يبقى بحث الطلبة عن منح دراسية، وأماكن الإقامة جزءا أساسيا من رحلتهم، يسعون من خلالها للحصول على الدعم المالي لتغطية تكاليف دراستهم في الخارج، وبفضل الجهود المبذولة والتحضير الجيد يتمكن الطلاب المغاربة من الحصول على فرص تعليمية متميزة في البلدان الأجنبية.
وتجدر الإشارة، إلى أن عدد الطلبة المغاربة الذين يتابعون دراستهم في الخارج برسم موسم 2021-2022، كان حوالي 60 ألف طالب مغربي، حسب معطيات تم تداولها إعلاميا نقلا عن منصة “Erudera” أول منصة بحث تعليمية في العالم مدعومة بالذكاء الاصطناعي، فيما ذكرت الوكالة الفرنسية للنهوض بالتعليم العالي “كوبيس فرونس”، أن عدد الطلبة المغاربة بفرنسا برسم نفس الموسم بلغ 46 ألف طالب.
* صحافيتان متدربتان