التكوين المهني.. أية آفاق وأي مستقبل؟

ذكرى الزويني* /أسماء مصطافي*

“حاولت جاهدة البحث عن فرص للشغل بعد تخرجي من الكلية لكن لم أجد شيئا” هكذا تحدثت إلينا ليلى بإحباط بعد تعبها في الحصول على فرصة شغل بشهادة تخرجها.

ليلى شابة تبلغ من العمر 22 سنة، طالبة مجازة في الدراسات العربية، لم تتمكن من الحصول على فرصة للشغل فقررت بعد تفكير طويل تغيير وجهتها، “أتيت اليوم إلى مركز التكوين المهني لاجتياز امتحان القبول في قطاع الفندقة والسياحة، وبالضبط مجال الخبازة وفن الحلويات، نظرا لهوسي الكبير بفن الحلويات وحبي للخبازة، وقد اخترت الولوج لمركز التكوين المهني لأنه يسلم شهادات تمكن الشباب من ولوج سوق الشغل أكثر من الشهادات الجامعية التي يجد حاملوها أنفسهم أمام فرص شغل محدودة.” هكذا صرحت ليلى لملفات تادلة.

وبدورها سهام، وهي في العشرينيات من العمر، تتابع تدريبها في مدرسة خاصة بالتمريض تابعة للتكوين المهني ofppt، تقول في حديثها لملفات تادلة “اخترت التكوين المهني لجودة الاستراتيجيات والمنهجيات المعتمدة في التدريب، ولوجود ضوابط وقواعد تجعل من المتدرب شخصا منضبطا في دراسته وتدريبه وحياته بصفة عامة، بخلاف المراكز الخاصة وغير المنتمية لمنظومة التكوين المهني تكون مدارس عشوائية، بسبب اختيار بعض الأساتذة لدروس وتداريب يمكن ان تكون غير ملائمة للمتدربين”.

وتكشف سهام، في حديثها لملفات تادلة عن سبب اختيار دراسة هذا التخصص: “مهنة التمريض أو بالأحرى ميدان التمريض هو حلمي مند الصغر اخترته عن حب، وهو مقبل على آفاق مسايرة لنظام التغطية الجديد AMO، والقطاع الخاص سيوفر فرص شغل كثيرة للشباب في المستقبل، والدليل على ذلك المصحات الجديدة بجهة بني ملال خنيفرة التي تزايد طلبها في الآونة الأخيرة على المتخرجين من مراكز التكوين المهني الخاصة بالتمريض لجودة الدراسة والتدريب”.

ورغم ذلك تعبر سهام عن شيء من الحسرة والإحباط، بشأن آفاق التشغيل أمامها، قائلة “الشهادات التي سنتوج بها في نهاية التدريب هي معتمدة فقط من مركز التكوين المهني، وليس من طرف وزارة الصحة وكليات الطب، الشيء الذي يطرح اشكالا لدى بعض الشباب للولوج لميدان الشغل في مراكز عمومية”.

وتصف المتدربة أميمة وهي شابة تبلغ من العمر 19سنة، خريجة مركز التكوين المهني المستوى التأهيلي تجربتها قبل وأثناء الولوج للتكوين المهني وبعد تخرجها، بالقول “كان يراودني خوف كبير قبل ولوجي للتكوين المهني، لكن بعد التدريب أحسست بالراحة، وخاصة بعد إنهاء التدريب والتخرج، اختلف تصوري للتكوين المهني فهو توجه يفتح آفاقا كثيرة للعديد من الشباب الحاصلين على شهادة البكلوريا وغير الحاصلين عليها”.

وتواصل أميمة في حديثها لملفات تادلة “تخرجت من المستوى التأهيلي قطاع الخياطة والنسيج، وحصلت على دبلوم في مجال الخياطة، وأنا أفكر في العمل في شركات ومراكز كبرى متخصصة في مجال الخياطة والنسيج، وأطمح كذلك لأن أصبح مصممة أزياء مشهورة وإنشاء مركز خاص بي لتصميم الأزياء”.

وذكرت احصائيات المندوبية السامية للتخطيط لسنة 2016 -2017 أن عدد متدربي التكوين المهني بقطاعيه العام والخاص، بجهة بني ملال – خنيفرة، قد بلغ 24812 متدربا ومتدربة، كما بلغ عدد مراكز التكوين المهني بالجهة 158 مركزا.

وأفاد المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في تقريره الصادر في مارس 2019 أنه بالنسبة لموسم 2017 – 2018 تقدم ما مجموعه 494.472 مترشحاً إلى مباريات الولوج المنظمة داخل القطاع العمومي التكوين المهني بمختلف مدن المغرب، فيما لم يتعد العرض المتعلق بعدد المقاعد المتوفرة في مؤسسات التكوين المهني بشكل عام 343.255 مقعدًا.

وأفاد المصدر ذاته أن القطاع الخاص للتكوين المهني ضم 413 مؤسسة معتمدة سنة 2017، مع أزيد من 37700 متدرب أي ما يعادل 51٪ من العدد الإجمالي للمتدربين في التكوين المهني الخاص، وقد تم تأهيل أزيد من 396 شعبة على صعيد 511 مؤسسة خاصة تضم 41.000 متدرب بما يعادل 56٪من العدد الإجمالي للمتدربين داخل التكوين المهني الخاص.

وحسب رأي صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي نهاية سنة 2023 فقد شهد قطاع التكوين المهني في سنة 2019 إطلاق الورش الملكي المتعلق بإحداث 12 مدينة للمهن والكفاءات بطاقة استيعابية لاستقبال 34.000 متدرب سنوياً ترتكز على عرض تكويني متنوع موجه نحو المهن الجديدة وفضاءات بيداغوجية حديثة تهدف لتحفيز تنمية مهارات المتدربين وتثمين الرأسمالي البشري.

وأضاف المصدر ذاته أنه رغم كل المجهودات المبذولة النهوض بمنظومة التكوين المهني إلا أنها لا تستوعب نسبة مهمة من الشباب المنحدرين من الوسط القروي، حيث تظل عروض التكوين المهني جد محدودة، مقارنة مع الوسط الحضري وبالفعل “يتركز التكوين المهني في المناطق الحضرية وعلى وجه الخصوص في حواضر الأقاليم”، حسب رأي المجلس.

وحسب اخر تحديث للموقع الرسمي لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل فإن عدد المقاعد البيداغوجية بلغ نصف مليون مقعد، وجانب الموارد البشرية (أساتذة ومؤطرين) بلغ 10.000 مستخدم بطاقة استيعابية 90٪ من عرض التكوين المهني العام بالإضافة إلى توفير 320 مهنة و368 مؤسسة تكوين.

تنويه: حرصنا أثناء إعداد هذه المادة على الحصول على معطيات حديثة ومحينة، وقد توجهنا إلى المديرية الجهوية للتكوين المهني، من أجل الحصول على أرقام ومعطيات، لكننا اصطدمنا بواقع البيروقراطية، حيث أننا وضعنا طلبنا للحصول على المعلومات ومقابلة مسؤول عن المندوبية، لكننا لم نتلق أي رد.

 * صحافيتان متدربتان




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...