ربورتاج: ركود في الأنشطة التجارية المرافقة لعيد الأضحى

-سلوى عمار*

أثرت زيادة أسعار المواشي بشكل ملحوظ على رواج الأنشطة والخدمات المرتبطة بعيد الأضحى، هذا الارتفاع في الأسعار جاء ليزيد من التحديات الاقتصادية التي تواجهها الأسر، ويؤثر سلبًا على المهن الموسمية التي تزدهر عادة في هذه الفترة.

وعادة ما تنشط هذه المهن في الفترة التي تسبق عيد الأضحى، مثل بيع  الفحم والأعلاف وأدوات الذبح وحشد السكاكين والجزارين، حيث تشهد الأسواق حركة تجارية مكثفة استعدادًا للعيد.

ولكن هذا العام، يواجه مقدمو هذه الخدمات، حالة من الركود غير المسبوق نتيجة عدم اقتناء معظم المواطنين لكبش العيد، الذي يشكل العنصر الأساسي لهذه المناسبة الدينية، نتيجة الارتفاع الباهظ في أسعار رؤوس المواشي.حتى يومه الجمعة، ويعتبر تجار الأعلاف أكبر المتضررين من هذا الوضع، بعدما قاموا باقتناء كميات كبيرة من أجل تلبية الطلب المتوقع على الأضاحي. إلا أن الطلب الفعلي جاء أقل بكثير مما كان متوقعًا، مما جعلهم يواجهون خسائر كبيرة.

فندق الخروف .. بدون نزيل

رضا شاب في مقتبل العمر ذو 22 سنة والحاصل على شهادة جامعية  يقطن ببلدة أفورار شاب مفعم ,بالنشاط والحيوية استقبلني بوجه بشوش ,يضع أمامه مبردا لتسنين السكاكين وبعض أدوات الذبح …وإلى جانبه وضع بالات العلف الكبيرة وبعض الحزم الصغيرة أخبرني أنه اعتاد ممارسة هذه الحرفة كل سنة ليعيل عائلته ويحصل على مصروفه اليومي وملء للفراغ ,أخبرني أن السنتين الأخيرتين تراجع مدخول هذه الحرف بشكل كبير بسبب الجفاف وغلاء الأعلاف الشيء الذي ساهم بدوره في غلاء الأضاحي ,فقد أصبح ثمن “البالة” خمسة وسبعون درهما يقوم بتقسيمها لحزم صغيرة ثمن الواحدة منها عشرة دراهم أخبرني رضى مطأطأ رأسه  و متحسرا أن الطلب جد محدود هذه الأيام.أما مشروعه الثالث فهو “فندق الخروف”يكتريه بثلاثين درهما للخروف الواحد  دون احتساب ثمن الأكل ,ألقيت نظرة عليه فوجدته شبه خال من الخرفان.

يعتبر رضا أن مثل هذه المشاريع يمكن أن تكون أكثر رواجا ونجاحا في المدن حيث الناس يسكنون شقق صغيرة لا تسعهم للاحتفاظ بالأضحية والاعتناء بها ,الشيء الذي يدفعهم للإقبال على فنادق الخروف بشكل كبير بينما في القرى والبوادي حيث المنازل تمتاز بالشساعة بالإضافة للسطوح فسكان المدن أغلبهم يشتغلون بدوام ,مما الذي يستدعي لزوما   ضرورة وجود من يعتني بالخروف من أكل وشرب وتنظيف أضاف بنظرة تنم عن الشفقة

“أعرف أسر كثيرة لم يشتروا أضحية العيد لحد الآن نظرا لضعف القدرة الشرائية لغالبية السكان ففي رحبة أفورار يتراوح ثمن الأضحية بين 3000 درهم و 7000 إلى غاية  اليوم الجمعة” , تابع رضى مفسرا كيف لمياوم يعمل بمائة درهم لليوم أن يغطي كل حاجيات أسرته اليومية ويوفر ثمن الأضحية.

ضعف رواج الأعلاف الأيام القليلة قبل عيد الأضحى

وأنا أجوب بالسويقة المتواجدة بأفورار حيث تتواجد بها الرحبة كل مساء في الأسبوع الأخير قبيل العيد يعرض الباعة “الفراشة”  كل ما يمكن أن يحتاجه المواطن في العيد,صادفت زايد بائع أعلاف آخر أكد لي بدوره عن ضعف الرواج هذه الأيام بعبارة “عيانة القضية هاد العام”وصرح زايد لملفات تادلة أن نسبة مهمة لم ولن تتمكن من اقتناء أضحية العيد بسبب قلة ذات اليد .زايد يعرض أعلافه بشكل منظم”بالات الفاصة” والحزم الصغيرة  وبعض الكيلوغرامات من الشعير ,يساعده ولداه اللذان يقومان بإعادة ترتيب الحزم بين الفينة والأخرى.

أخبرني زايد أنه اعتاد هذه الحرفة كل سنة و”كنت تانصور الخير والبركة وأشتري أضحيتي ويشيط الخير فقط في الأيام القليلة قبيل العيد” كانت زيارتي له في وقت الذروة إلا أن الرواج عنده كان شبه منعدم فمعظم الباعة يقومون بتعديل بضاعتهم ثارة وثارة أخرى يهتفون بالثمن “الفاصة 10 دراهم”

عرض الفحم يفوق الطلب

إلى جانب زايد يتواجد بائع الفحم يضع أمامه كيسا أزرقا غير ممتلئ بالفحم وميزانا يدويا يقف وحيدا وغير راض على وضعه من تعابير وجهه  استغربت من قلة الكمية المعروضة من الفحم ظننت أن الطلب يفوق العرض فعبر لي عن سبب عرضه لكمية قليلة من الفحم بضحكة ساخرة ما فائدة إحضار كمية كبيرة في الصباح وإرجاعها للبيت في المساء ,فالطلب جد محدود هذه السنة فبالكاد يقتني الزبائن بضع كيلوغرامات بعدما كانوا يقبلون على اقتناء الفحم بكمية كبيرة في السنوات الماضية.رغم أن هذه السنة الفحم متوفر بكثرة هذه السنة بسبب جفاف الأشجار وسقوطها من تلقاء نفسها .

الأمل في تغير السوق

عبد المنجد بائع أوان معروف في المنطقة يمتهن بيع أدوات الذبح والشواء والتقطيع كل سنة بدوره لم يسلم من ظلال غلاء أسعار أضاحي العيد ,أخبرني أن هناك ركود غير مسبوق في هذه التجارة وعزوف كبيرعن تجديد مستلزمات العيد كما جرت العادة كل سنة, يضع فوق طاولته الكبيرة سكاكين من جميع الأحجام وشبكات الشواء ومجامير وأدوات أخرى

أخبرني أنه كان يعرض هذه الأدوات في السنين الماضية قبل العيد بأسبوعين

وكان كما قال” أربح الخير والبركة” لكن ودعته وهو يجلس على كرسيه البلاستيكي الأبيض وتعابير الإحباط تعلو محياه مختلطة بنوع من الأمل أن يكون إقبال في اليومين القادمين.

*صحافية متدربة

 

 

 




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...