عبد الحق غريب: هؤلاء يتحملون مسؤولية تخريب الجامعة العمومية وتحويلها إلى معاهد للتكوين المهني

عبد الحق غريب-

ونحن على مشارف نهاية السنة الأولى من تطبيق الإصلاح البيداغوجي الكارثي الذي جاء به عبد اللطيف ميراوي، وبعد وقوف السيدات والسادة الأساتذة الباحثين على هول وحجم الاختلالات والنواقص والعيوب وهم يزاولون تطبيقه، ارتأيت أن اشارك الجميع، مسؤولين و أساتذة باحثين وطلبة، تجربة بلجيكا في الإصلاح بالتعليم العالي، ومدى وعي ومسؤولية كل مكونات الجامعة في الدفاع عن مستقبل التعليم العالي وعن مصلحة الطالب، ثم اختم بما يقع في هذا البلد السعيد.

ماذا وقع في بلجيكا ؟
انتفض عمداء الكليات والأساتذة الباحثين والطلاب بمنطقة “والونيا – بروكسيل” ببلجيكا ضد إصلاح مرسوم المناظر الطبيعية (Décret Paysage)، خاصة بعد أن صوتت اللجنة البرلمانية للتعليم العالي على تعديل بعض بنوده في أبريل الماضي.

وقد وجه 50 عميد كلية نداءً إلى صناع القرار السياسي يلتمسون منهم سحب المادة 3 الواردة في إصلاح مرسوم المناظر الطبيعية، ويطالبونهم بمساندة ودعم الطلاب واتخاذ تدابير لصالحهم، خاصة الرفع من تمويل التعليم العالي ومكافحة هشاشة الطلاب… نعم يا سادة، يطالب العمداء في بلجيكا (وليس النقابة) بسحب إصلاح التعليم العالي ويلتمسون من الساسة في البلاد اتخاذ تدابير لمكافحة هشاشة الطلاب !!

أما أساتذة التعليم العالي، فقد وقّع أكثر من 1800 أستاذ وأستاذة على عريضة يعبرون فيها عن غضبهم بسبب عدم استشارتهم في الإصلاح، باعتبارهم ذوي الاختصاص، ويطالبون بسحب مراجعة المرسوم. ومما جاء في العريضة : “إننا سنواصل النضال من أجل طلابنا، الذين ندرسهم في ظروف استمرت في التدهور لمدة عشرين عاما بسبب نقص تمويل التعليم العالي…”

بالنسبة للطلاب، فقد أثار تعديل بنود مرسوم المناظر الطبيعية غضبهم ودفعهم للاحتجاج، معتبرين أن القواعد الجديدة ستزيد من ضغط الامتحانات وستؤدي إلى تعطيل مسارهم الدراسي… وقد جدد اتحاد الطلاب الناطقين بالفرنسية (“والونيا – بروكسيل”) التأكيد على مطالبهم والاستمرار في التعبئة حتى يتم سحب الإصلاحات الجديدة وتلبية المطالب لصالح الطلاب بشكل عادل وشفاف.

جدير بالذكر أن مرسوم المناظر الطبيعية (Décret Paysage) هو تشريع في النظام التعليمي ببلجيكا وبالتحديد في منطقة “والونيا – بروكسيل”، يهم تمويل التعليم العالي ونجاح الطلاب، وقد دخل حيز التنفيذ في شتنبر 2014..
جدير بالذكر كذلك أنه ابتداء من الدخول الجامعي 2024-2025 سيتم تطبيق قواعد جديدة لنجاح الطلاب في اتحاد “والونيا – بروكسيل”… وتشمل هذه القواعد الجديدة زيادة نسبة النجاح المطلوبة من 75% إلى 100%، وإلزامية الحصول على 60 ساعة معتمدة في السنة الاولى، وهو ما أثار غضب الطلاب ودفعهم للاحتجاج، معتبرين أن الإصلاح سيزيد من ضغط الامتحانات.

يقع هذا في بلجيكا، اما عندنا في هذا البلد السعيد، فإن الإصلاح البيداغوجي الكارثي أعده وهندسه العمداء عبر شبكتهم، أغلبيتهم يعتبرون الكرسي والامتيازات أهم من الطالب وجودة التعليم ومستقبل الجامعة، وسكت عنه الأساتذة الباحثون رغم إقرارهم واعترافهم بأعطابه وعيوبه، عبر تقارير الشّعَب وبيانات الفروع المحلية والجهوية للنقابة الوطنية للتعليم العالي… أما الطلبة، وهم المعنيون بالدرجة الأولى بالإصلاح البيداغوجي، فربما يرون في بعض المواقع الجامعية، أن الأولوية في الجامعة هي دعوة رضوان بن عبد السلام ليحاضر حول الرقية الشرعية، او ياسين العمري ليشكك في النظريات العلمية وهو في قلب مدرج تلقى فيه محاضرات حول العلم والمعرفة او غيرهما، عوض تنظيم ندوات وانشطة تحسيسية وتوعوية حول الإصلاح البيداغوجي وما يُحاك ضد مستقبل الجامعة العمومية، يؤطرها ذوي الاختصاص… وما اكثرهم.

ونحن على مشارف نهاية السنة الأولى من تطبيق الإصلاح البيداغوجي الكارثي، ووقوف الأساتذة الباحثين خلال السنة الأولى من تطبيقه، على هول وحجم اختلالاته وعيوبه، وانعكاسات ذلك على جودة التعليم والبحث العلمي، وعلى الدور الأكاديمي والعلمي للجامعة العمومية، يمكن القول انه من الواجب على العمداء والأساتذة الباحثين والطلبة ان يلعبوا الدور المنوط بهم، ويتحملوا مسؤوليتهم لاعتماد إصلاح بيداغوجي جديد يستجيب للدور الأكاديمي والعلمي للجامعة، وإلاّ فإنهم يتحملون مسؤولية تخريب الجامعة العمومية وتحويلها إلى معاهد للتكوين المهني… واشهدوا مرة أخرى أنني بلغت، وإن غذا لناظره قريب.




شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...