– ملفات تادلة 24 –
في العاصمة الروسية موسكو، يتميز الشهر الفضيل بإقامة “الخيمة الرمضانية”، المشروع الثقافي والخيري الذي يستقبل يوميا مئات المسلمين من أصول مختلفة، وذلك بهدف تقاسم وجبة الإفطار ومشاطرة ثقافتهم في أجواء من الألفة والأخوة.
وترحب هذه الخيمة، التي نصبت على مقربة من المسجد التذكاري لجبل بوكلونايا، بزوارها للعام التاسع عشر، وذلك بدعم من الإدارة الروحية لمسلمي موسكو، والمديرية الروحية لمسلمي روسيا، ومجلس المفتين الروس، وبلدية العاصمة إلى جانب الرعاة.
وتشارك في هذه المبادرة المنظمة تحت شعار التبادل بين الأديان والعيش المشترك، أزيد من عشر دول، من بينها الإمارات العربية المتحدة وقطر وإندونيسيا ودول رابطة الدول المستقلة، بالإضافة إلى جهات في روسيا ذات أقلية مسلمة.
فتحت خيمة تمتد مساحتها لـ 800 متر مربع مزينة بالمصابيح المضيئة، ي دعى الضيوف، صغارا وكبارا، مسلمون وغير مسلمون، لتقاسم وجبة الإفطار في أجواء ملؤها المشاطرة والاستمتاع بالأمسيات الموضوعاتية التي تعكس التنوع الثقافي للمجتمعات المسلمة في روسيا وخارجها.
ويتعلق الأمر أيضا بمناسبة لمتابعة خطب العلماء وحضور مجالس لتلاوة القرآن الكريم، وهو تقليد بدأه مجلس مفتي روسيا ويحقق نجاحا كبيرا منذ زهاء عقدين من الزمن.
وبنفس هذه الروح، استضافت الخيمة الرمضانية أولمبياد تلاوة القرآن الكريم الثانية لجاليات موسكو، والذي تم تنظيمه بمبادرة من مركز الدراسات القرآنية التابع للإدارة الروحية لمسلمي موسكو وسفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في روسيا.
وتكرس الخيمة الرمضانية هذا العام القيم العائلية، بحسب المنظمين، الذين يأملون في استقبال 80 ألف زائر بحلول نهاية الشهر الكريم.
وقال مفتي موسكو، إيلدار عليوتدينوف، وهو أيضا رئيس اللجنة المنظمة للمشروع، خلال مؤتمر صحفي يوم 7 مارس، إن “الأسرة هي مصدر القوة والدعم والمعرفة. الأسرة هي الوصي على القيم الروحية والتاريخ والثقافة والتقاليد. ومن خلال الحفاظ على الأسرة والعلاقات الطيبة بين أفرادها، فإننا نقدم مساهمة كبرى من أجل مستقبل مشترك”.
وبالنسبة لسكان موسكو الذين لا يستطيعون التنقل إلى الخيمة الرمضانية، يتم تقديم إعادة بث يومي للأمسيات الثقافية للخيمة على حسابات شبكات التواصل الاجتماعي التابعة للمشروع وعلى مواقع المديرية الروحية لمسلمي روسيا والإدارة الروحية لمسلمي موسكو.
وتمكن الخيمة الرمضانية، التي تعد تقليدا بهيا يقام تحت شعار الوحدة والروحانية، أيضا، من جمع التبرعات لمساعدة العائلات المحتاجة والجمعيات الخيرية في موسكو.
وقد تم استنساخ نجاح خيمة موسكو في مدن روسية أخرى تبنت هذا النموذج الرامي إلى تعزيز قيم الأخوة والتضامن، ما يعود بالبهجة والسعادة على الجاليات المسلمة التي تقطنها.
وفي روسيا، حيث يعتبر الإسلام الديانة الثانية في البلاد بعد الأرثوذكسية، حيث يبلغ عدد أتباعه 25 مليون شخص، يعد الشهر الكريم حدثا دينيا واجتماعيا وثقافيا وازنا، لاسيما بالنسبة للمجتمعات الإسلامية الموجودة في شمال القوقاز، وأيضا في تتارستان.
وفي هذه الجمهورية الروسية، التي يمثل المسلمون فيها 54 في المائة من الساكنة، تنظم سلطات مدينة قازان، عاصمة تتارستان، الواقعة على بعد أكثر من 800 كيلومتر شرق موسكو “إفطارا جمهوريا”.
وفي نسخته الثانية عشرة، تمت دعوة زهاء 12 ألف شخص، بما في ذلك سكان تتارستان، ممثلو السلطات، رجال الدين المحليون، السفراء، القناصل والعديد من الشخصيات الأخرى في 29 مارس لتناول أكبر وجبة إفطار تقام في روسيا.
وحققت هذه المبادرة نجاحا لافتا منذ إطلاقها، إلى درجة أنها حصلت هذا العام على الصفة الفيدرالية، وهو الاسم الذي يطلق على التظاهرات التي تستفيد من دعم السلطة التنفيذية الروسية.
ومن المشاركة في مختلف الأعمال الخيرية إلى أداء الشعائر الدينية، بما في ذلك قراءة القرآن الكريم في المساجد وتبادل الزيارات العائلية، يمنح الشهر الفضيل العديد من لحظات المشاطرة الغنية والأساسية لتعزيز العلاقات بين أفراد المجتمعات المسلمة في روسيا.